Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 44-44)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أم في هذه الآية الكريمة هي المنقطعة وأشهر معانيها أنها جامعة بين معنى بل الإضرابية ، واستفهام الإنكار معاً ، والإضراب المدلول عليه بها هنا إضراب انتقالي : والمعنى : بل أتحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون : أي لا تعتقد ذلك ولا تظنه ، فإنهم لا يسمعون الحق ولا يعقلونه : أي لا يدركونه بعقولهم إن هم إلا كأنعام أي ما هم إلا كالأنعام ، التي هي الإبل والبقر والغنم في عدم سماع الحق ، وإدراكه ، بل هم أضل من الأنعام : أي أبعد عن فهم الحق ، وإدراكه . وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : { بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً } قال الزمخشري : فإن قلت : كيف جعلوا أضل من الأنعام ؟ قلت : لأن الأنعام تنقاد لأربابها التي تعلفها وتتعهدها ، وتعرف من يحسن إليها ممن يسيء إليها ، وتطلب ما ينفعها ، وتجتنب ما يضرها ، وتهتدي لمراعيها ومشاربها ، وهؤلاء لا ينقادون لربهم ولا يعرفون إحسانه إليهم من إساءة الشيطان الذي هو عدوهم ، ولا يطلبون الثواب الذي هو أعظم المنافع ولا يتقون العقاب الذي هو أشد المضار والمهالك ، ولا يهتدون للحق الذي هو المشرع الهني والعذب الروي . اهـ . منه . وإذا علمت ما دلت عليه هذه الآية الكريمة ، فاعلم أن الله بينه في غير هذا الموضع كقوله تعالى في سورة الأعراف : { وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَآ أُوْلَـٰئِكَ كَٱلأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْغَافِلُونَ } [ الأعراف : 179 ] ، وقوله تعالى في البقرة : { وَمَثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ ٱلَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَآءً وَنِدَآءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } [ البقرة : 171 ] .