Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 54-54)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال الزمخشري في الكشاف في تفسير هذه الآية الكريمة : فقسم البشر قسمين ، ذوي نسب أي ذكوراً ينسب إليهم فيقال : فلان بن فلان وفلانة بنت فلان ، وذوات صهر أي إناثاً يصاهر بهن كقوله : { فَجَعَلَ مِنْهُ ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ } [ القيامة : 39 ] ، { وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً } حيث خلق من النطفة الواحدة بشراً نوعين ذكر وأنثى . انتهى منه . هذا التفسير الذي فسر به الآية يدل له ما استدل عليه به وهو قوله تعالى : { أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَىٰ ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّىٰ فَجَعَلَ مِنْهُ ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ } [ القيامة : 37ـ39 ] وهو دليل على أن آية الفرقان هذه بينتها آية القيامة المذكورة ، وفي هذه الآية الكريمة أقوال أخر غير ما ذكره الزمخشري . منها : ما ذكر ابن كثير قال : فجعله نسباً وصهراً ، فهو في ابتداء أمره ولد نسيب ثم يتزوج فيصهر صهراً ، وانظر بقية الأقوال في الآية في تفسير القرطبي والدر المنثور للسيوطي . مسألة استنبط بعض العلماء من هذه الآية الكريمة : أن بنت الرجل من الزنى ، لا يحرم عليه نكاحها . قال ابن العربي المالكي في هذه الآية : والنسب عبارة عن خلط الماء بين الذكر والأنثى ، على وجه الشرع ، فإن كان بمعصية كان خلقاً مطلقاً ، ولم يكن نسباً محققاً ، ولذلك لم يدخل تحت قوله : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ } [ النساء : 23 ] بنته من الزنى ، لأنها ليست . ببنت له في أصح القولين لعلمائنا ، وأصبح القولين في الدين ، وإذا لم يكن نسب شرعاً فلا صهر شرعاً ، فلا يحرم الزنى بنت أم ولا أم بنت وما يحرم من الحلال ، لا يحرم من الحرام ، لأن الله امتن بالنسب ، والصهر على عباده ورفع قدرهما ، وعلق الأحكام في الحل والحرمة عليهما ، فلا يلحق الباطل بهما ، ولا يساويهما انتهى منه . بواسطة نقل القرطبي عنه . وقال القرطبي : اختلف الفقهاء في نكاح الرجل ابنته من زنى ، أو أخته أو بنت ابنه من زنى : فحرم ذلك قوم منهم ابن القاسم وهو قول أبي حنيفة ، وأصحابه ، وأجازن ذلك آخرون منهم : عبد الملك بن الماجشون ، وهو قول الشافعي ، وقد مضى هذا في النساء مجوداً . انتهى منه . قال مقيده عفا الله عنه وغفر له : الخلاف في هذه المسألة مشهور معروف ، وأرجح القولين دليلاً فيما يظهر أن الزنى لا يحرم به حلال ، فبنته من الزنى ليست بنتاً له شرعاً ، وقد أجمع أهل العلم أنها لا تدخل في قوله تعالى : { يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِيۤ أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلأُنْثَيَيْنِ } [ النساء : 11 ] فالإجماع على أنها ترث ، ولا تدخل في آيات المواريث ، دليل صريح على أنها أجنبية منه ، وليست بنتاً شرعاً ، ولكن الذي يظهر لنا أنه لا ينبغي له أن يتزوجها بحال . وذلك لأمرين : الأول : أن كونها مخلوقة من مائه ، يجعلها شبيهة شبهاً صورياً بابنته شرعاً وهذا الشبه القوي بينهما ينبغي أن يزعه عن تزويجها . الأمر الثاني : أنه لا ينبغي له أن يتلذذ بشيء سبب وجوده معصيته لخالقه جل وعلا ، فالندم على فعل الذنب الذي هو ركن من أركان التوبة ، لا يلائم التلذذ بما هو ناشئ عن نفس الذنب ، وما ذكره عن الشافعي من أنه يقول : إن البنت من الزنى لا تحرم ، هو مراد الزمخشري بقوله : @ وإن شافعياً قلت قالوا بأنني أبيح نكاح البنت والبنت تحرم @@ تنبيه اعلم أنما ذكره صاحب الدر المنثور عن قتادة مما يقتضي أنه استنبط من قوله تعالى في هذه الآية : { فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً } أن الصهر كالنسب في التحريم ، وأن كل واحد منهما تحرم به سبع نساء ، لم يظهر لي وجهه ، ومما يزيده عدم ظهور ضعف دلالة الاقتران عند أهل الأصول ، كما تقدم إيضاحه مراراً ، والعلم عند الله تعالى .