Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 12-12)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { لَهُ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِر } . مقاليد السموات والأرض هي مفاتيحهما . وهو جمع لا واحد له من لفظه ، فمفردها إقليد ، وجمعها مقاليد على غير قياس . والإقليد المفتاح . وقيل : واحدها مقليد ، وهو قول غير معروف في اللغة . وكونه جل وعلا { لَهُ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْض } أي مفاتيحهما كناية عن كونه جل وعلا هو وحده المالك لخزائن السماوات والأرض لأن ملك مفاتيحها يستلزم ملكها . وقد ذكر جل وعلا مثل هذا في سورة الزمر في قوله تعالى : { اللَّهُ خَالِقُ كُـلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ لَّهُ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } [ الزمر : 62 - 63 ] الآية . وما دلت عليه آية الشورى هذه وآية الزمر المذكورتان من أنه جل وعلا هو مالك خزائن السماوات والأرض ، جاء موضحاً في آيات أخر كقوله تعالى : { وَلِلَّهِ خَزَآئِنُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَلَـٰكِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ } [ المنافقون : 7 ] وقوله تعالى : { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ } [ الحجر : 21 ] . وبين في مواضع أخر أن خزائن رحمته لا يمكن أن تكون لغيره ، كقوله تعالى : { أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ ٱلْعَزِيزِ ٱلْوَهَّابِ } [ ص : 9 ] وقوله تعالى { أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ ٱلْمُسَيْطِرُونَ } [ الطور : 37 ] وقوله تعالى { قُل لَّوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لأمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ ٱلإِنْفَاقِ وَكَانَ ٱلإنْسَانُ قَتُورا } [ الإسراء : 100 ] . وقوله في هذه الآية الكريمة { يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِر } جاء معناه موضحاً في آيات أخر كقوله تعالى { قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ } [ سبأ : 39 ] الآية . وقوله تعالى { قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } [ سبأ : 36 ] وقوله تعالى { ٱللَّهُ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَنْ يَشَآءُ وَيَقَدِرُ وَفَرِحُواْ بِٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } [ الرعد : 26 ] الآية . وقوله تعالى : { وَٱللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِي ٱلْرِّزْقِ } [ النحل : 71 ] الآية . وقوله تعالى : { نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } [ الزخرف : 32 ] الآية . وقوله تعالى { إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَٱللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا } [ النساء : 135 ] الآية . وقوله تعالى { لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّآ آتَاهُ ٱللَّه } [ الطلاق : 7 ] الآية . وقوله تعالى : { وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُه } أي ضيق عليه رزقه لقلته . وكذلك قوله { يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِر } في الآيات المذكورة . أي يبسط الرزق لمن يشاء بسطه له ويقدر ، أي يضيق الرزق على من يشاء تضييقه عليه كما أوضحناه في سورة الأنبياء في الكلام على قوله تعالى { فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْه } [ الأنبياء : 87 ] . وقد بين جل وعلا في بعض الآيات حكمة تضييقه للرزق على من ضيقه عليه . وذكر أن من حكم ذلك أن بسط الرزق للإنسان ، قد يحمله على البغي والطغيان كقوله تعالى { وَلَوْ بَسَطَ ٱللَّهُ ٱلرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ وَلَـٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَآءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرُ بَصِيرٌ } [ الشورى : 27 ] ، وقوله تعالى : { كَلاَّ إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ أَن رَّآهُ ٱسْتَغْنَىٰ } [ العلق : 6 - 7 ] .