Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 6-6)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى في هذه الآية الكريمة ، { ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ } أي أشركوا معه شركاء يعبدونهم من دونه ، كما أوضح تعالى ذلك في قوله : { وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلْفَىۤ إِنَّ ٱللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَـفَّارٌ } [ الزمر : 3 ] وقوله تعالى : { وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَوْلِيَآؤُهُمُ ٱلطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِّنَ ٱلنُّورِ إِلَى ٱلظُّلُمَاتِ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [ البقرة : 257 ] وقوله تعالى : { إِنَّهُمُ ٱتَّخَذُوا ٱلشَّيَاطِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ } [ الأعراف : 30 ] وقوله تعالى : { إِنَّمَا ذٰلِكُمُ ٱلشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ } [ آل عمران : 175 ] أي يخوفكم أولياءه . وقوله تعالى : { فَقَاتِلُوۤاْ أَوْلِيَاءَ ٱلشَّيْطَانِ } [ النساء : 76 ] الآية . وقد وبخهم تعالى على اتخاذهم الشيطان وذريته أولياء من دونه تعالى في قوله : { أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً } [ الكهف : 50 ] . وقد أمر جل وعلا باتباع هذا القرآن العظيم ، ناهياً عن اتباع الأولياء المتخذين من دونه تعالى ، في أول سورة الأعراف في قوله تعالى { ٱتَّبِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } [ الأعراف : 3 ] . وقد علمت من الآيات المذكورة أن أولياء الكفار الذين اتخذوهم وعبدوهم من دون الله نوعان : الأول منهما : الشياطين ، ومعنى عبادتهم للشيطان طاعتهم له فيما يزين لهم ، من الكفر والمعاصي ، فشركهم به شرك طاعة ، والآيات الدالة على عبادتهم للشياطين بالمعنى المذكور كثيرة كقوله تعالى : { أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يٰبَنِيۤ آدَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُواْ ٱلشَّيطَانَ } [ يس : 60 ] الآية . وقوله تعالى عن إبراهيم { يٰأَبَتِ لاَ تَعْبُدِ ٱلشَّيْطَانَ } [ مريم : 44 ] الآية . وقوله تعالى : { إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَاناً مَّرِيداً } [ النساء : 117 ] أي وما يعبدون إلا شيطاناً مريدا . وقوله تعالى { قَالُواْ سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ ٱلْجِنَّ أَكْـثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ } [ سبأ : 41 ] وقوله تعالى : { إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَىٰ ٱلَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَٱلَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ } [ النحل : 100 ] وقوله تعالى { وَإِنَّ ٱلشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىۤ أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ } [ الأنعام : 121 ] إلى غير ذلك من الآيات . والنوع الثاني : هو الأوثان ، كما بين ذلك تعالى بقوله : { مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلْفَىۤ } [ الزمر : 3 ] الآية . وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : { ٱللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِم } . أي رقيب عليهم حافظ عليهم كل ما يعملونه من الكفر والمعاصي ، وفي أوله اتخاذهم الأولياء ، يعبدونهم من دون الله . وفي الآية تهديد عظيم لكل مشرك . وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : { وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ } . أي لست يا محمد ، بموكل عليهم تهدي من شئت هدايته منهم ، بل إنما أنت نذير فحسب ، وقد بلغت ونصحت . والوكيل عليهم هو الله الذي يهدي من يشاء منهم ويضل من يشاء كما قال تعالى : { إِنَّمَآ أَنتَ نَذِيرٌ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيل } [ هود : 12 ] . وقال تعالى : { وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي ٱلأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ ٱلنَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَيَجْعَلُ ٱلرِّجْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ } [ يونس : 99ـ100 ] وقال تعالى : { وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِن ٱسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي ٱلأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي ٱلسَّمَآءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى ٱلْهُدَىٰ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْجَاهِلِينَ } [ الأنعام : 35 ] والآيات بمثل ذلك كثيرة . وبما ذكرنا تعلم أن التحقيق في قوله تعالى : { وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ } ، وما جرى مجراه من الآيات ليس منسوخاً بآية السيف والعلم عند الله تعالى .