Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 43, Ayat: 19-19)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَجَعَلُواْ ٱلْمَلاَئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمْ عِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنَاثاً أَشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ } . قرأ هذا الحرف نافع وابن كثير وابن عامر { عند الرحمن } بسكون النون وفتح الدال ظرف كقوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } [ الأعراف : 206 ] ، وقرأه أبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي { الذين هم عباد الرحمن } بكسر العين وباء موحدة بعدها ألف وضم الدال جمع عبد كقوله : { وعباد الرحمن } الآية . وقوله { أَشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ } . قرأه عامة السبعة غير نافع أشهدوا بهمزة واحدة مع فتح الشين ، وقرأه نافع أأشهد . بهمزتين الأولى مفتوحة محققة ، والثانية مضمومة مسهلة بين بين وقالوا يجعل بين الهمزتين ألف الإدخال على إحدى الروايتين . وقد ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أربع مسائل : الأولى : أن الكفار افتروا على الملائكة أنهم إناث زاعمين أنهم بنات الله . الثانية : أنه وبخهم على ذلك توبيخاً شديداً وأنكر عليهم ذلك في قوله : { أَشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ } يعني هل حضروا خلق الله لهم فعاينوهم إناثاً . الثالثة : أن شهادتهم الكاذبة بذلك ستكتب عليهم . الرابعة : أنهم يسألون عنها يوم القيامة . وهذه المسائل الأربع التي تضمنتها هذه الآية الكريمة ، جاءت موضحة في غير هذا الموضع . أما الأولى منها . وهي كونهم اعتقدوا الملائكة إناثاً ، فقد ذكرها تعالى في مواضع من كتابه كقوله تعالى { أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِٱلْبَنِينَ وَٱتَّخَذَ مِنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ إِنَاثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيما } [ الإسراء : 40 ] . وكقوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ ٱلْمَلاَئِكَةَ تَسْمِيَةَ ٱلأُنْثَىٰ } [ النجم : 27 ] الآية ، وقوله تعالى { فَٱسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ ٱلْبَنَاتُ وَلَهُمُ ٱلْبَنُونَ أَمْ خَلَقْنَا ٱلْمَلاَئِكَةَ إِنَاثاً } [ الصافات : 149 - 150 ] الآية . إلى غير ذلك من الآيات . وأما المسألة الثانية : وهي سؤاله تعالى لهم على وجه الإنكار والتوبيخ والتقريع هل شهدوا خلق الملائكة وحضروه ، حتى علموا أنهم خلقوا إناثاً فقد ذكرها في قوله تعالى : { أَمْ خَلَقْنَا ٱلْمَلاَئِكَةَ إِنَاثاً وَهُمْ شَاهِدُونَ } [ الصافات : 150 ] وبين تعالى أنه لم يشهد الكفار خلق شيء في قوله : { مَّآ أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَلاَ خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ } [ الكهف : 51 ] الآية . وأما المسألة الثالثة : التي هي كون شهادتهم بذلك الكفر ستكتب عليهم ، فقد ذكرها تعالى في مواضع من كتابه كقوله تعالى : { وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَاماً كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ } [ الإنفطار : 10 - 12 ] وقوله تعالى : { هَـٰذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِٱلْحَقِّ إِنَّ كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } [ الجاثية : 29 ] ، وقوله تعالى : { أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ } [ الزخرف : 80 ] ، وقوله تعالى : { إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ } [ يونس : 21 ] وقوله تعالى : { وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً ٱقْرَأْ كَتَابَكَ } [ الإسراء : 13 - 14 ] الآية . وقوله تعالى : { سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ ٱلْعَذَابِ مَدّاً } [ مريم : 79 ] . وأما المسألة الرابعة : وهي كونهم يسألون عن ذلك الافتراء والكفر ، فقد ذكرها تعالى في آيات من كتابه كقوله تعالى : { وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } [ العنكبوت : 13 ] وقوله تعالى : { فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ الحجر : 92 - 93 ] ، وقوله تعالى : { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ } [ الزخرف : 44 ] وقوله تعالى : { وَيَجْعَلُونَ لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِّمّا رَزَقْنَاهُمْ تَٱللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ } [ النحل : 56 ] إلى غير ذلك من الآيات .