Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 45, Ayat: 9-9)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة توعد الأفاك الأثيم بالويل ، والبشارة بالعذاب الأليم . وقد قدمنا قريباً أن من صفاته ، أنه إذا سمع آيات الله تتلى عليه أصر مستكبراً كأن لم يسمعها ، وذكر في هذه الآية الكريمة أنه إذا علم من آيات الله شيئاً اتخذها هزواً أي مهزوءاً بها ، مستخفاً بها ، ثم توعده على ذلك بالعذاب المهين . وما تضمنته هذه الآية الكريمة من أن الكفار يتخذون آيات الله هزواً ، وأنهم سيعذبون على ذلك يوم القيامة ، قد بينه تعالى في غير هذا الموضع كقوله تعالى في آخر الكهف : { ذَلِكَ جَزَآؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُواْ وَٱتَّخَذُوۤاْ آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُواً } [ الكهف : 106 ] وقوله تعالى في الكهف أيضاً : { وَيُجَادِلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلْبَاطِلِ لِيُدْحِضُواْ بِهِ ٱلْحَقَّ وَٱتَّخَذُوۤاْ آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُواْ هُزُواً وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيِاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاه } [ الكهف : 56 - 57 ] الآية . وقوله تعالى في سورة الجاثية هذه : { وَقِيلَ ٱلْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا وَمَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّاصِرِينَ ذَلِكُم بِأَنَّكُمُ ٱتَّخَذْتُمْ آيَاتِ ٱللَّهِ هُزُواً } [ الجاثية : 34 - 35 ] الآية . وقرأ هذا الحرف عامة القراء السبعة غير حمزة وحفص عن عاصم هزؤاً بضم الزاي بعدها همزة محققة . وقرأه حفص عن عاصم بضم الزاي وإبدال الهمزة واواً . وقرأه حمزة هزءاً بسكون الزاي بعدها همزة محققة في حالة الوصل . وأما في حالة الوقف ، فعن حمزة نقل حركة الهمزة إلى الزاي فتكون الزاي مفتوحة بعدها ألف ، وعنه إبدالها واواً محركة بحركة الهمزة . وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة { لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ } أي لأن عذاب الكفار الذين كانوا يستهزءون بآيات الله لا يراد به إلا إهانتهم وخزيهم وشدة إيلامهم بأنواع العذاب . وليس فيه تطهير ولا تمحيص لهم بخلاف عصاة المسلمين فإنهم وإن عذبوا فسيصيرون إلى الجنة بعد ذلك العذاب . فليس المقصود بعذابهم مجرد الإهانة بل ليؤلوا بعده إلى الرحمة ودار الكرامة .