Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 10-10)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ } . جواب الشرط في هذه الآية محذوف . وأظهر الأقوال في تقديره إن كان هذا القرآن من عند الله وكفرتم به ، وجحدتموه فأنتم ضلال ظالمون . وكون جزاء الشرط في هذه الآية كونهم ضالين ظالمين بينه قوله تعالى في آخر فصلت : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ } [ فصلت 52 ] ، وقوله في آية الأحقاف هذه { فَآمَنَ وَٱسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } . وقال أبو حيان في البحر : مفعولاً أرأيتم محذوفان لدلالة المعنى عليهما . والتقدير : أرأيتم حالكم ، إن كان كذا ألستم ظالمين . فالأول حالكم ، والثاني ألستم ظالمين ، وجواب الشرط محذوف أي فقد ظلمتم . ولذلك جاء فعل الشرط ماضياً . وبعض العلماء يقول : إن { أَرَءَيْتُمْ } بمعنى أخبرني ، والعلم عند الله تعالى . قوله تعالى : { وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ مِثْلِهِ } . التحقيق : إن شاء الله ، أن هذه الآية الكريمة جارية على أسلوب عربي معروف ، وهو إطلاق المثل ، على الذات نفسها ، كقولهم : مثلك ، لا يفعل هذا ، يعنون لا ينبغي لك أنت أن تفعله . وعلى هذا فالمعنى ، وشهد شاهد من بني إسرائيل على أن هذا القرآن ، وحي منزل حقاً من عند الله ، لا أنه شهد على شيء آخر مماثل له . ولذا قال تعالى { فَآمَنَ وَٱسْتَكْبَرْتُمْ } . ومما يوضح هذا ، تكرر إطلاق المثل في القرآن مراداً به الذات كقوله تعالى { أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي ٱلنَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي ٱلظُّلُمَاتِ } [ الأنعام : 122 ] الآية . فقوله : كمن مثله في الظلمات ، أي كمن هو نفسه في الظلمات ، وقوله تعالى { فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَآ آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ ٱهْتَدَواْ } [ البقرة : 137 ] أي فإن آمنوا بما آمنتم به لا بشيء آخر مماثل له على التحقيق . ويستأنس له بالقراءة المروية عن ابن عباس وابن مسعود { فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَآ آمَنْتُمْ بِهِ } الآية . والقول بأن لفظة ما في الآية مصدرية ، وأن المراد تشبيه الإيمان بالإيمان ، أي فإن آمنوا بإيمان مثل إيمانكم فقد اهتدوا لا يخفى بعده . والشاهد في الآية هو عبد الله بن سلام رضي الله عنه كما قال الجمهور ، وعليه فهذه الآية مدنية في سورة مكية . وقيل : إن الشاهد موسى بن عمران عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ، وقيل غير ذلك .