Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 66-66)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى { وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيهِمْ مِّن رَّبِّهِمْ لأَكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم } . ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أن أهل الكتاب لو أطاعوا الله ، وأقاموا كتابهم باتباعه ، والعمل بما فيه ، ليسّر الله لهم الأرزاق وأرسل عليهم المطر ، وأخرج لهم ثمرات الأرض . وبين في مواضع أُخَر أن ذلك ليس خاصّاً بهم ، كقوله عن نوح وقومه { فَقُلْتُ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيْكُمْ مِّدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارا } نوح 10 - 12 وقوله عن هود وقومه { وَيٰقَوْمِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيْكُمْ مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُم } هود 52 الآية وقوله عن نبينا عليه الصلاة والسلام وقومه { وَأَنِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَّتَاعاً حَسَناً إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } هود 3 وقوله تعالى { مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً } النحل 97 الآية . على أحد الأقوال وقوله { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْقُرَىٰ آمَنُواْ وَٱتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْض } الأعراف 96 الآية . وقوله { وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِب } الطلاق 2 - 3 وقوله { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلاَةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَٱلْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ } طه 132 ومفهوم الآية أن معصية الله تعالى ، سبب لنقيض ما يستجلب بطاعته ، وقد أشار تعالى إلى ذلك بقوله { ظَهَرَ ٱلْفَسَادُ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي ٱلنَّاس } الروم 41 الآية ، ونحوها من الآيات . قوله تعالى { مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَآءَ مَا يَعْمَلُونَ } . ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة ، أن أهل الكتاب قسمان طائفة منهم مُقتصدة في عملها ، وكثير مِنهم سيئ العمل ، وقسّم هذه الأمة إلى ثلاثة أقسام في قوله { فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِٱلْخَيْرَاتِ بِإِذُنِ ٱللَّهِ ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْكَبِيرُ } فاطر 32 ووعد الجميع بالجنة بقوله { جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ } فاطر 33 . وذكر القسم الرابع وهو الكفّار منها بقوله { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَىٰ عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ } فاطر 36 الآية . وأظهر الأقوال في المقتصِد ، والسابِق ، والظالم ، أن المقتصد هو من امتثل الأمر ، واجتنب النهي ، ولم يزِد على ذلك ، وأن السابق بالخيرات هو من فعل ذلك ، وزاد بالتقرب إلى الله بالنوافل ، والتورُّع عن بعض الجائزات ، خوفاً من أن يكون سبباً لغيره ، وأن الظالم هو المذكور في قوله { خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى ٱللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ } التوبة 102 الآية ، والعلم عند الله تعالى .