Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 54-54)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي ٱللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلْكَافِرِين } الآية . أَخبرَ تعالى المؤمنين في هذه الآية الكريمة أنهم إن ارتد بعضهم فإن الله يأتي عوضاً عن ذلك المرتد بقوم من صفاتهم الذل للمؤمنين ، والتواضع لهم ولين الجانب ، والقسوة والشدة على الكافرين ، وهذا من كمال صفات المؤمنين ، وبهذا أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم ، فأمره بلين الجانب للمؤمنين ، بقوله { وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ } الحجر 88 ، وقوله { وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِين } الشعراء 215 ، وأمَره بالقسوة على غيرهم بقوله { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَاهِدِ ٱلْكُفَّارَ وَٱلْمُنَافِقِينَ وَٱغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِير } التوبة 73 ، وأثنى تعالى على نبيه باللين للمؤمنين في قوله { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ ٱلْقَلْبِ لاَنْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِك } آل عمران 159 الآية وصرح بأن ذلك المذكور من اللين للمؤمنين ، والشدة على الكافرين ، من صفات الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه رضي الله عنهم ، بقوله { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُم } الفتح 29 . وقد قال الشاعر في رسول الله صلى الله عليه وسلم @ وما حملت من ناقة فوق رحلها أبر وأوفى ذمة من محمد وأعطى إذا ما طالب العرف جاءه وأمضى بحد المشرفي المهند @@ وقال الآخر فيه @ وما حملت من ناقةٍ فوق رحلها أشد على أعدائه مِن محمد @@ ويفهم من هذه الآيات أن المؤمن يجب عليه أن لا يلين إلا في الوقت المناسب للين ، وألا يشتد إلا في الوقت المناسب للشدة ، لأن اللين في محل الشدة ضعف ، وخور ، والشدة في محل اللين حمق ، وخرق ، وقد قال أبو الطيِّب المتنبي