Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 53-53)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أجرى الله تعالى الحكمة بأن أكثر أتباع الرسول ضعفاء الناس ، ولذلك " لما سأل هرقل ملك الروم أبا سفيان عن نبينا صلى الله عليه وسلم أأشرف الناس يتبعونه ، أم ضعفاؤهم ؟ فقال بل ضعفاؤهم . قال هم أتباع الرسل " . فإذا عرفت ذلك فاعلم أنه تعالى اشار إلى أن من حكمة ذلك فتنة بعض الناس ببعض ، فإن أهل المكانة والشرف والجاه يقولون لو كان في هذا الدين خير لما سبقنا إليه هؤلاء ، لأنا أحق منهم بكل خير كما قال هنا { وَكَذٰلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِّيَقُولوۤاْ أَهَـٰؤُلاۤءِ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَآ } الآية إنكاراً منهم أن يمن الله على هؤلاء الضعفاء دونهم ، زعماً منهم أنهم أحق بالخير منهم ، وقد رد الله قولهم هنا بقوله { أَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ } . وقد أوضح هذا المعنى في آيات أخر كقوله تعالى { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَآ إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ } الأحقاف 11 الآية ، وقوله { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَٰتٍ قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَيُّ ٱلْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً } مريم73 . والمعنى أنهم لما رأوا أنفسهم أحسن منازل ، ومتاعاً من ضعفاء المسلمين اعتقدوا أنهم أولى منهم بكل خير ، وأن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم لو كان خيراً ما سبقوهم إليه ، ورد الله افترائهم هذا بقوله { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً وَرِءْياً } مريم74 ، وقوله { أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي ٱلْخَيْرَاتِ بَل لاَّ يَشْعُرُونَ } المؤمنون 55 - 56 ، إلى غير ذلك من الآيات .