Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 57-58)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى { مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ } الآية . أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية الكريمة أن يخبر الكفار ، أن تعجيل العذاب عليهم الذي يطلبونه منه صلى الله عليه وسلم ليس عنده . وإنما هو عند الله إن شاء عجله ، وإن شاء أخره عنهم ، ثم أمره أن يخبرهم بأنه لو كان عنده لعجله عليهم بقوله { قُل لَّوْ أَنَّ عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ ٱلأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ } الأنعام 58 الآية . وبين في مواضع أخر أنهم ما حملهم على استعجال العذاب إلا الكفر والتكذيب ، وأنهم إن عاينوا ذلك العذاب علموا أنه عظيم هائل لا يستعجل به إلا جاهل مثلهم ، كقوله { وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ ٱلْعَذَابَ إِلَىٰ أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ } هود 8 ، وقوله { يَسْتَعْجِلُ بِهَا ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهَا وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مُشْفِقُونَ مِنْهَا } الشورى 18 الآية ، وقوله { يَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَافِرِينَ } العنكبوت 54 ، وقوله { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتاً أَوْ نَهَاراً مَّاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ ٱلْمُجْرِمُونَ } يونس 50 . وبين في موضع آخر أنه لولا أن الله حدد لهم أجلاً لا يأتيهم العذاب قبله لعجله عليهم ، وهو قوله { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلْعَذَابِ وَلَوْلاَ أَجَلٌ مُّسَمًّى لَّجَآءَهُمُ ٱلْعَذَابُ } العنكبوت 53 ، الآية . تنبيه قوله تعالى في هذه الآية الكريمة { قُل لَّوْ أَنَّ عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ ٱلأَمْرُ } الأنعام 58 الآية ، صريح في أنه صلى الله عليه وسلم لو كان بيده تعجيل العذاب عليهم لعجله عليهم ، مع أنه ثبت في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها " أن النَّبي صلى الله عليه وسلم ارسل الله إليه ملك الجبال ، وقال له إن شئت أطبقت عليهم الأخشبين - وهما جبلا مكة اللذان يكتنفانها - فقال صلى الله عليه وسلم " بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله لا يشركَ به شيئاً " . والظاهر في الجواب هو ما أجاب به ابن كثير - رحمه الله - في تفسير هذه الآية ، وهو أن هذه الآية دلت على أنه لو كان إليه وقوع العذاب الذي يطلبون تعجيله في وقت طلبهم لعجله عليهم ، وأما الحديث فليس فيه أنهم طلبوا تعجيل العذاب في ذلك الوقت ، بل عرض عليه الملك إهلاكهم فاختار عدم إهلاكهم ، ولا يخفى الفرق بين المتعنت الطالب تعجيل العذاب وبين غيره .