Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 66, Ayat: 4-4)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { إِن تَتُوبَآ إِلَى ٱللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا } . أطلقت التوبة هنا وقيدت في الأية بعدها بأنها توبة نصوح ، في قوله تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ تُوبُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً } [ التحريم : 8 ] . وحقيقة التوبة النصوح وشروطها وآثارها تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه ، عند قوله تعالى : { وَتُوبُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا ٱلْمُؤْمِنُونَ } [ النور : 31 ] . وقوله تعالى : { فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا } . قال الشيخ في إملائه : صغت : بمعنى مالت ورضيت وأحبت ما كره رسول الله صلى الله عليه وسلم اهـ . وقال : وقلوبكما جمع مع أنه لاثنتين هما حفصة وعائشة ، فقيل لأن المعنى معلوم والجمع أخف من المثنى إذا أضيف . وقيل هو مما استدل به على أن أقل الجمع اثنين كما في الميراث في قوله { فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ } [ النساء : 11 ] . وجواب الشرط في قوله تعالى : { إِن تَتُوبَآ } محذوف تقديره ، فقال واجب عليكما ، لأن قلوبكما مالت إلى ما لا يحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم اهـ . وقدره القرطبي بذلك خير لكم ومعناهما متقارب . قوله تعالى : { وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ } . قال أبو حيان : الوقف على مولاه ، وتكون الولاية خاصة بالله ، ويكون جبريل مبتدأ وما بعده عطف عليه ، وظهير خبر ، وعليه يكون جبريل ذكر مرتين بالخصوص أولاً وبالعموم ثانياً . وقيل : الوقف على وجبريل معطوفاً على لفظ الجلالة في الولاية ، ثم ابتدئ بصالح المؤمنين وعطف عليهم الملائكة ، ويدخل فيهم جبريل ضمناً اهـ . فعلى الوقف الأول يكون درج صالح المؤمنين بين جبريل وبين الملائكة تنبيهاً على علو منزلة صالح المؤمنين ، وبيان منزلتهم من عموم الملائكة بعد جبريل ، وعلى الوقف الثاني فيه عطف جبريل على لفظ الجلالة في الولاية بالواو ، وليس فيه ما يوهم التعارض مع الحديث في ثم إذ محل العطف هو الولاية ، وهي قدر ممكن من الخلق ومن الله تعالى كما في قوله تعالى : { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِٱلْمُؤْمِنِينَ } [ الأنفال : 62 ] لأن النصر يكون من الله ويكون من العباد ، من باب الأخذ بالأسباب { إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ ٱللَّهُ } [ التوبة : 40 ] . وكما في قوله تعالى : { وَيَنصُرُونَ ٱللَّهُ وَرَسُولَهُ } [ الحشر : 8 ] . وقوله : { َ مَنْ أَنصَارِيۤ إِلَى ٱللَّهِ } [ آل عمران : 52 ] بخلاف سياق الحديث ، فقد كان في موضوع المشيئة حينما قال الأعرابي : ما شاء الله وشئت . فقال له صلى الله عيله وسلم : " أجعلتني لله ندا ؟ قل ما شاء الله وحده " لأن حقيقة المشيئة لله تعالى وحده كما في قوله : { وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ } [ التكوير : 29 ] . وكقوله : { بَل لِلَّهِ ٱلأَمْرُ جَمِيعاً } [ الرعد : 31 ] . وكقوله : { لِلَّهِ ٱلأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ } [ الروم : 4 ] . ومن اللطائف في قوله تعالى : { وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ } إلى آخر ما سمعته من الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه ، أنه قال : إن المتظاهرتين على رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأتان فقط تآمرتا عليه فيما بينهما ، فجاء بيان الموالين له ضدهما كل من ذكر في الآية . فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة ، ما يدل على عظم كيدهن وضعف الرجال أمامهن ، وقد أشار إلى ذلك قوله تعالى : { إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ } [ يوسف : 28 ] ، بينما قال في كيد الشيطان : { إِنَّ كَيْدَ ٱلشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً } [ النساء : 76 ] . وقد عبر الشاعر عن ذلك بقوله :