Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 67, Ayat: 12-12)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الخشية : شدة الخوف ، كما قال تعالى : { ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَيْبِ وَهُمْ مِّنَ ٱلسَّاعَةِ مُشْفِقُون } [ الأنبياء : 49 ] . وبين تعالى محل تلك الخشية في قوله : { إِنَّمَا يَخْشَى ٱللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ٱلْعُلَمَاءُ } [ فاطر : 28 ] لأنهم يعرفون حق الله تعالى ويراقبونه . وقد بين تعالى حقيقة خشية الله : { وَإِنَّ مِنَ ٱلْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ ٱلأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ ٱلْمَآءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ ٱللَّهِ } [ البقرة : 74 ] . وقوله : { لَوْ أَنزَلْنَا هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ ٱللَّهِ } [ الحشر : 21 ] . فالذين يخشون ربهم بالغيب هم الذين يعرفون حق الله عليهم ومراقبته إياهم في السر والعلن ، ويعلمون أنه مطلع عليهم مهما تخسفوا وتستروا وهم دائماً منيبون إلى الله ، كما في قوله : { هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ مَّنْ خَشِيَ ٱلرَّحْمَـٰنَ بِٱلْغَيْبِ وَجَآءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ } [ قۤ : 32 - 33 ] ، وهذه أعلى درجات السلوك مع الله تعالى ، كما بين أنها منزلة العلماء . وقد عاب تعالى أولئك الذين يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله ، ويخشون الناس ولا يخشون الله ، فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين . وإفراد الله بالخشية منزلة الأنبياء ، كما في قوله : { ٱلَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ ٱللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ ٱللَّهَ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ حَسِيباً } [ الأحزاب : 39 ] . قال الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه : والعرب تمدح من يكون في خلوته كمشهده مع الناس . ومنه قول مسلم بن الوليد : @ يتجنب الهفوات في خلواته عف السريرة غيبه كالمشهد @@ والواقع أن هذه الصفة ، وهي خشية الله بالغيب والإيمان بالغيب أساس عمل المسلم كله ، ومعاملاته ، لأنه بإيمانه بالغيب سيعمل كل خير طمعاً في ثواب الله ، كما في مستهل المصحف { الۤمۤ ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱلْغَيْبِ } [ البقرة : 1 - 3 ] الآية . وبمخافة الله بالغيب سيتجنب كل سوء ، فيسلم ويتحصل له ما قال الله تعالى عنهم : { مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ } ، مغفرة من ذنوب { وَأَجْرٌ كَبِيرٌ } على أعماله ، رزقنا الله خشيته في السر والعلن . وليعلم أن المراد بالغيب مما هو من جانب العبد لا سيده ، كما في الحديث في الإحسان " أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك " وهذا الإحساس هو أقوى عامل على اكتساب خشية الله سبحانه .