Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 67, Ayat: 13-14)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فيه دلالة على أن السر والجهر عند الله وفي علم الله على حد سواء ، لأنه عليم بذات الصدور يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور . وقوله تعالى : { سَوَآءٌ مِّنْكُمْ مَّنْ أَسَرَّ ٱلْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ } [ الرعد : 10 ] . وقوله : { وَإِن تَجْهَرْ بِٱلْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ وَأَخْفَى } [ طه : 7 ] . وتقدم للشيخ عند كل من الآيتين بيان هذه الآية . وقد تقدم قوله تعالى : { قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِيۤ إِلَى ٱللَّهِ } [ المجالة : 1 ] الآية . وقوله تعالى : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ } [ ق : 16 ] الآية . وتقدم في سورة التحريم قبل هذه السورة مباشرة قوله تعالى : { وَإِذَ أَسَرَّ ٱلنَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ ٱللَّهُ عَلَيْهِ } [ التحريم : 3 ] الآية ، ففيه بيان عملي مشاهد بأنه تعالى يعلم السر وأخفى ، ولذا قال تعالى هنا { أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلْخَبِيرُ } [ الملك : 14 ] . كما قال في سورة التحريم : { قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَـٰذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْخَبِيرُ } [ التحريم : 3 ] . وقال القرطبي نقلاً عن أبي إسحاق الإسفرائيني : من أسماء صفات الذات ما هو للعلم منها العليم ، ومعناه تفهيم جميع المعلومات ، ومنها الخبير ، ويختص بأن يعلم ما يكون قبل أن يكون ، ومنها الحكيم ويختص بأنه يعلم دقائق الأوصاف ، ومنها الشهيد ويختص بأن يعلم الغائب والحاضر ، ومعناه ألا يغيب عنه شيء . ومنها الحافظ ويختص بأنه لا ينسى ، ومنها المحصي ويختص بأنه لا تشغله الكثرة عن العلم مثل ضوء النهار واشتداد الريح وتساقط الأرواق ، فيعلم عند ذلك أجزاء الحركات في كل ورقة ، وكيف لا يعلم وهو الذي يخلق وقد قال : { أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلْخَبِيرُ } [ الملك : 14 ] ، ومن في قوله تعالى : { أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ } أجازوا فيها أن تكون فاعل يعلم ، وهو الله تعالى ، أي إن الذي خلق يعلم ما خلق ومنه ما في الصدور . وأجازوا أن تكون مفعولاً والفاعل ضمير مستتر في الفعل يعلم ، ذكرهما القرطبي وأبو حيان ، وهو واضح ومحتمل . ولكن الذي تشهد له النصوص أنها مفعول كما في قوله : { إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } [ الشورى : 12 ] ، { يَعْلَمُ خَآئِنَةَ ٱلأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي ٱلصُّدُورُ } [ غافر : 19 ] . وقوله : { وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ } [ الصافات : 96 ] ، ومن أعمالهم ما يسرون ، وما يجهرون . والعلم عند الله تعالى .