Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 73, Ayat: 5-5)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

معلوم أن القول هنا هو القرآن كما قال تعالى { إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ } [ التكوير : 19 ] وقوله : { وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ ٱلْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } [ القصص : 51 ] . وقوله : { إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ } [ الطلاق : 13 ] وقوله { وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ٱللَّهِ قِيلاً } [ النساء : 122 ] ونحو ذلك من الآيات . ولكن وصفه بالثقل مع أن الثقل للأوزان وهي المحسوسات . فقال بعض المفسرين : إن الثقل في وزن الثواب ، وقيل في التكاليف به ، وقيل من أثناء نزول الوحي عليه ، وكل ذلك ثابت للقرآن الكريم ، فمن جهة نزوله فقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أتاه الوحي أخذته برحاء شديدة وكان يحمر وجهه كأنه مذهبه ، وكان إذا نزل عليه صلى الله عليه وسلم وهو في سفره على راحلته بركت به الناقة ، وجاء عن أنس أن النَّبي صلى الله عليه وسلم كان واضعاً رأسه على فخذه ، فأتاه الوحي قال أنس : فكان فخذي تكاد تنفصل مني ، ومن جانب تكاليفه فقد ثقلت على السماوات والأرض والجبال وأشفقن منها كما هو معلوم ومن جانب ثوابه فقد جاء في حديث مسلم . " الحمد لله تملأ الميزان ، وسبحان الله ، والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السماء والأرض " . وحديث البطاقة وكل ذلك يشهد بعضه لبعض ولا ينافيه . وقد بين تعالى أن هذا الثقل قد يخففه الله على المؤمنين ، كما في الصلاة في قوله : { وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى ٱلْخَاشِعِينَ ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ } [ البقرة : 45 - 46 ] ، وكذلك القرآن ثقيل على الكفار خفيف على المؤمنين محبب إليهم . وقد جاء في الآثار أن بعض السلف كان يقوم الليل كله بسورة من سور القرآن تلذذاً وارتياحاً ، كما قال تعالى : { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ } [ القمر : 17 ] فهو ثقيل في وزنه ثقيل في تكاليفه ، ولكن يخففه الله وييسره لمن هداه ووفقه إليه .