Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 74, Ayat: 4-4)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قد اختلف المفسرون في المراد من كل من لفظتي الثياب ، وفطهر هل هما دلا على الحقيقة ، ويكون المراد طهارة الثوب من النجاسات ؟ أم هما على الكناية ؟ والمراد بالثوب البدن ، والطهارة عن المعنويات من معاصي وآثام ونحوها أم على الحقيقة والكناية ، فقد ذكر ابن جرير وغيره نحواً من خمسة أقوال : الأول عن ابن عباس وعكرمة والضحاك أن معناه : لا تبلس ثيابك على معصية ولا على غدرة ، واستشهد بقول غيلان : @ وإني بحمد الله لا ثوب فاجر لبست ولا من عذرة أتقنع @@ وقول الآخر : @ إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه فكل رداء يرتديه جميل @@ فاستعمل اللفظين في الكناية ، وقد يستدل له بقوله : { وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ } [ الشرح : 2 ] . وورد عن ابن عباس : لا تلبس ثيابك من كسب غير طيب ، فاستعمل الثياب في الحقيقة والتطهير في الكناية . وعن مجاهد : أصلح عملك ، وعملك فاصلح فاستعملهما معاً في الكناية عن العمل الصالح . وعن محمد بن سيرين وابن زيد على حقيقتهما ، فطهر ثيابك من النجاسة . ثم قال : والذي قاله ابن سيرين وابن زيد أظهر في ذلك . وقول ابن عباس وعكرمة قول عليه أكثر السلف . والله أعلم بمراده . وقال غيره : ثيابك هي نساؤك ، كما في قوله { هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ } [ البقرة : 187 ] فأمرهن بالتطهر وتخيرهن طاهرات خيرات . هذه أقوال المفسرين واختيار ابن جرير منها ، والواقع في السياق ما يشهد لاختيار ابن جرير ، وهو حمل اللفظين على حقيقتهما . وترجيح قول ابن سيرين أن المراد طهارة الثوب من النجاسة ، والقرينة في الآية أنها اشتملت على أمرين : الأول : طهارة الثوب ، والثاني هجر الرجز . ومن معاني الرجز المعاصي ، فيكون حمل طهارة الثوب على حقيقته ، وهو الرجز على حقيقته لمعنى جديد أولى . وهذه الآية بقسميها جاء نظيرها بقسميها أصرح من ذلك في قوله تعالى : { وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن ٱلسَّمَآءِ مَآءً لِّيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ ٱلشَّيْطَانِ } [ الأنفال : 11 ] والله تعالى أعلم . وقد جعل الشافعي هذه الآية دليلاً على الطهارة للصلاة .