Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 76, Ayat: 1-2)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اتفق المفسرون على أن هل هنا بمعنى ( قد ) أي أن الاستفهام تقريري يستوجب الإجابة عليه بنعم . ولفظ الإنسان في { هَلْ أَتَىٰ عَلَى ٱلإِنسَانِ } ، وقيل هو الإنسان الأول آدم عليه السلام ، آتى عليه حين من الدهر ، لم يكن شيء يذكر . وقيل : هو عموم الإنسان من بني آدم فيكون المعنى على الأول ، أن آدم عليه السلام أتى عليه حين من الدهر قيل : أربعون سنة . ذكر عن ابن عباس : كان طيناً ثم صلصالاً حتى نفخ فيه الروح . ويكون على الثاني أن الإنسان أتى عليه حين من الدهر ، هو أربعون يوماً نطفة ، ثم أربعون يوماً علقة ، ثم أربعون يوماً مضغة ، وكل ذلك شيء ولكنه لم يكن مذكوراً ، أي ضعيفاً ، وكلاهما محتمل . ولفظ الإنسان الثاني في قوله تعالى : { إِنَّا خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ } اتفقوا على أنه عام في بني آدم ، لأنه هو الذي خلق من نطفة أمشاج أخلاط ، وقد رجح الفخر الرازي أن لفظ الإنسان في الموضعين بمعنى واحد وهو المعنى العام ليستقيم الأسلوب بدون مغايرة بين اللفظين إذ لا قرينة مميزة . ولعل في السياق قرينة تدل على ما قاله ، وهي أن قوله تعالى : { نبتليه } قطعاً لبني آدم ، لأن آدم عليه السلام ، انتهى أمره بالسمع والطاعة { فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ } [ البقرة : 37 ] ولم يبق مجال لابتلائه ، إنما ذلك لبنيه . والله تعالى أعلم . وقوله تعالى : { إِنَّا خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ } فيه بيان مبدء خلق الإنسان ، وله أطوار في وجوده بعد النطفة علقة ثم مضغة ثم خلقاً آخر ، وكل ذلك من لا شيء قبله . كما قال تعالى : { وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً } [ مريم : 9 ] . وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه بيان ذلك عند الآية الكريمة { وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً } .