Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 84, Ayat: 6-6)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قيل : الإنسان للجنس وقيل لفرد ، وهو محمد صلى الله عليه وسلم ، ولكن السياق يدل للأول للتقسيم الآتي ، فأما من أوتى كتابه بيمينه ، وأما من أوتي كتابه بشماله ، لأنه لا يكون لفرد ، وإنما للجنس وعلى أنه للجنس فالكدح العمل جهد النفس . وقال ابن مقبل : @ وما الدَّهر إلا تارتان فمنهما أموت وأخرى أبتغي العَيش أكدح @@ وقال غيره مشيراً إلى أن الكدح فيه معنى النصب : @ ومضت بشاشة كُل عيش صالح وبقيت أكدح للحياة وأَنْصب @@ ويشهد لهذا قوله تعالى : { لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ فِي كَبَدٍ } [ البلد : 4 ] ، كما قدمنا في محله . تنبيه من هذا العرض القرآني الكريم من مقدمة تغيير أوضاع الكون سماء وأرضاً ، ووضع الإنسان في يكدح إلى ربه كدحاً فملاقيه ، أي بعمله الذي يحصل عليه من خلال كدحه ، فإن العاقل المتبصر لا يجعل كدحه إلاّ فيما يرضي الله ويرضى هو به ، إذا لقي ربه ما دام أنه كادح ، لا محالة كما هو مشاهد . تنبيه آخر قوله تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَانُ } عام في الشمول لكل إنسان مهما كان حاله من مؤمن وكافر ، ومن بر وفاجر ، والكل يكدح ويعمل جاهد التحصيل ما هو مقبل عليه ، كما في الحديث : " اعملوا كل ميسر لما خلق له " أي ومجد فيه وراض به ، وهذا منتهى حكمة العليم الخبير . ومما هو جدير بالتنبيه عليه ، هو أنه إذا كانت السماء مع عظم جرمها ، والأرض مع مساحة أصلها أذنت لربها وحقت ، مع أنها لم تتحمل أمانة ، ولن تسأل عن واجب فكيف بالإنسان على ضعفه ، { أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ ٱلسَّمَآءُ } [ النازعات : 27 ] ، وقد تحمل أمانة التكليف فأشفقن منها وحملها الإنسان ، فكان أحق بالسمع والطاعة في كدحه ، إلى أن يلقى ربه لما يرضيه .