Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 86, Ayat: 15-16)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

نسبة هذا الفعل له تعالى قالوا إنه : من باب المقابلة كقوله : { وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ ٱللَّهُ } [ آل عمران : 54 ] ، وقوله { إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ * ٱللَّهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ } [ البقرة : 14 - 15 ] ، وهو في اللغة ، كقول القائل ، لما سئل عن أي الطعام يريد ، وهو عارٍ يريد كسوة . @ قالوا اختر طعاماً نجد لك طبخة قلت اطبخوا لي جبة وقميصا @@ وقد اتفق السلف ، أنه لا ينسب إلى الله تعالى على سبيل الإطلاق ، ولا يجوز أن يشتق له منه اسم ، وإنما يطلق في مقابل فعل العباد ، لأنه في غير المقابلة لا يليق بالله تعالى ، وفي معرض المقابلة لا يليق بالله تعالى ، وفي معرض المقابلة فهو في غاية العلم والحكمة والقدرة ، والكيد أصله المعالجة للشيء بقوة . وقال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة : والعرب قد تطلق الكيد على المكر ، والعرب قد يسمون المكر كيداً ، قال الله تعالى : { أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً } [ الطور : 42 ] ، وعليه فالكيد هنا لم يبين ، فإذا كان بمعنى المكر ، فقد تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه بيان شيء منه عند قوله تعالى : { وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَاكِرِينَ } [ آل عمران : 54 ] ، بأن مكرهم محاولتهم قتل عيسى ، ومكر الله إلقاء الشبه ، أي شبه عيسى على غير عيسى . وتقدم قوله تعالى : { قَدْ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى ٱللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِّنَ ٱلْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ ٱلسَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ ٱلْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ } [ النحل : 26 ] ، وهذا في قصة النمرود ، فكان مكرهم بنيان الصرح ليصعد إلى السماء ، فكان مكر الله بهم أن تركهم حتى تصاعدوا بالبناء ، فاتى بنيانهم من القواعد ، فهدمه عليهم . وهكذا الكيد هنا ، إنهم يكيدون للإسلام والمسلمين يريدون ليطفؤوا نور الله بأفواههم ، والله يكيد لهم بالاستدراج حتى يأتي موعد إهلاكهم ، وقد وقع تحقيقه في بدر ، إذ خرجوا محادة لله ولرسوله ، وفي خيلائهم ومفاخرتهم وكيد الله لهم أن قلل المؤمنين في أعينهم ، حتى طمعوا في القتال ، وأمطر أرض المعركة ، وهم في أرض السبخة ، والمسلمون في أرض وملية فكان زلقاً عليهم وثباتاً للمؤمنين ، ثم أنزل ملائكته لقتالهم . والله تعالى أعلم .