Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 93, Ayat: 7-7)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الضلال : يكون حساً ومعنى ، فالأول : كمن تاه في طريق يسلكه ، والثاني : كمن ترك الحق فلم يتبعه . فقال قوم : المراد هنا هو الأول ، كأن ضل في شعب من شعاب مكة ، أو في طريقه إلى الشام . ونحو ذلك . وقال آخرون : إنما هو عبارة عن عدم التعليم أولاً ثم منحه من العلم مما لم يكن يعلم ، كقوله : { مَا كُنتَ تَدْرِي مَا ٱلْكِتَابُ وَلاَ ٱلإِيمَانُ وَلَـٰكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَآءُ مِنْ عِبَادِنَا } [ الشورى : 52 ] . وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه ، بحث هذه المسألة في عدة مواضع : أولاً في سورة يوسف عند قوله تعالى : { إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } [ يوسف : 8 ] ، وساق شواهد الضلال لغة هناك . وثانياً : في سورة الكهف عند قوله تعالى : { ٱلَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } [ الكهف : 104 ] . وثالثاً : في سورة الشعراء عند قوله تعالى : { قَالَ فَعَلْتُهَآ إِذاً وَأَنَاْ مِنَ ٱلضَّالِّينَ } [ الشعراء : 20 ] . وفي دفع إيهام الاضطراب أيضاً : وهذا كله يغني عن أي بحث آخر . ومن الطريف ما ذكره أبو حيان عند هذه الآية ، حيث قال : ولقد رأيت في النوم ، أني أفكر في هذه الجملة ، فأقول على الفور : ووجدك : أي وجد رهطك ضالاً فهداه بك ، ثم أقول : على حذف مضاف ، نحو : واسأل القرية . 1هـ . وقد أورد النيسابوري هذا وجهاً في الآية ، وبهذه المناسبة أذكر منامين كنت رأيتهما ولم أرد ذكرهما حتى رأيت هذا لأبي حيان ، فاستأنست به لذكرهما ، وهما : الأول عندما وصلت إلى سورة نۤ عند قوله تعالى : { وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ } [ القلم : 4 ] ، ومن منهج الأضواء تفسير القرآن بالقرآن ، وهذا وصف مجمل ، وحديث عائشة " كان خُلقه القرآن " فأخذت في التفكير ، كيف أفصل هذا المعنى من القرآن ، وأبين حكمه وصفحه وصبره وكرمه وعطفه ورحمته ورأفته وجهاده وعبادته ، وكل ذلك مما جعلني أقف حائراً وأمكث عن الكتابة عدة أيام ، فرأيت الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في النوم ، كأننا في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ، وكأنه ليس في نشاطه العادي ، فسألته ماذا عندك اليوم ؟ فقال : عندي تفسير . فقلت : أتدرس اليوم ؟ قال : لا ، فقلت : وما هذا الذي بيدك ؟ لدفتر في يده ، فقال : مذكرة تفسير ، أي التي كان سيفسرها وهي مخطوطة ، فقلت له : من أين في القرآن ؟ فقال : من أول نۤ إلى آخر القرآن ، فحرصت على أخذها لأكتب منها ، ولم أتجرأ على طلبها صراحة ، ولكن قلت له : إذا كنت لم تدرس اليوم فأعطنيها أبيضها وأجلدها لك ، وآتيك بها غداً ، فأعطانيها فانتبهت فرحاً بذلك وبدأت في الكتابة . والمرة الثانية في سورة المطففين ، لما كتبت على معنى التطفيف ، ثم فكرت في التوعد الشديد عليه ما يتأتى فيه من شيء طفيف ، حتى فكرت في أن له صلة بالربا ، إذا ما بيع جنس بجنسه ، فحصلت مغايرة في الكيل ووقع تفاضل ، ولكني لم أجد من قال به ، فرأيت فيما يرى النائم ، أني مع الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه ، ولكن لم يتحدث معي في شيء من التفسير . وبعد أن راح عني ، فإذا بشخص لا أعرفه يقول : وأنا أسمع دون أن يوجه الحديث إليَّ إن في التطفيف رباً ، إذا بيع الحديد بحديد ، وكلمة أخرى في معناها نسيتها بعد أن انتبهت . وقد ذكرت ذلك تأسياً بأبي حيان ، لما أجد فيه من إيناس ، والله أسأل أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه ، وأن يهدينا سواء السبيل ، وعلى ما جاء في الرؤيا من مبشرات . وبالله تعالى التوفيق .