Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 18-18)
Tafsir: at-Tafsīr al-wasīṭ li-l-Qurʾān al-Karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وهذه الآية الكريمة معطوفة على قوله - تعالى - قبل ذلك { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا … } عطف القصة على القصة . والعبادة الطاعة البالغة حد النهاية فى الخضوع والتعظيم . أى وهؤلاء الذين لا يرجون لقاءنا ، ويطلبون قرآنا غير هذا القرآن أو تبديله ، بلغ من جهلهم وسفههم أنهم يعبدون من دون الله أصناما لا تضرهم ولا تنفعهم ، لأنها جمادات لا قدرة لها على ذلك . والمقصود بوصفها بأنها لا تضر ولا تنفع بطلان عبادتها ، لأن من شأن المعبود أن يملك الضر والنفع ، وأن يكون مثيبا على الطاعة ومعاقبا على المعصية . وقوله { مِن دُونِ ٱللَّهِ } جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من فاعل { يعبدون } أى يعبدونها متجاوزين الله وتاركين طاعته . و { ما } موصولة أو نكرة موصوفة . والمراد بها الأصنام التى عبدوها من دون الله . قال الجمل " ونفى الضر والنفع هنا عن الأصنام باعتبار الذات ، وإثباتها لها فى سورة الحج فى قوله { يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ } باعتبار السبب ، فلا يرد كيف نفى عن الأصنام الضر والنفع ، وأثبتهما لها فى سورة الحج " . وقوله { وَيَقُولُونَ هَـٰؤُلاۤءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ ٱللَّهِ } حكاية لأقوالهم السخيفة عندما يُدعَوْن إلى عبادة الله وحده . والشفعاء جمع شفيع ، وهو من يشفع لغيره فى دفع ضر أو جلب نفع . أى أنهم يدينون بالعبادة لأصنام لا تضرهم إن تركوا عبادتها ، ولا تنفعهم إن عبدوها ، فإذا ما طلب منهم أن يجعلوا عبادتهم لله وحده قالوا إننا نعبد هذه الأصنام لتكون شفيعة لنا عند الله فى دنيانا ، بأن نتوسل إليه بها فى إصلاح معاشنا ، وفى آخرتنا إن كان هناك ثواب وعقاب يوم القيامة . وهنا يأمر الله - تعالى - نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يرد عليهم بما يخرس ألسنتهم فيقول { قُلْ أَتُنَبِّئُونَ ٱللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فى ٱلسَّمَاوَاتِ وَلاَ فى ٱلأَرْضِ } . أى قل يا محمد لهؤلاء الجاهلين إن الله - تعالى - لا يخفى عليه شىء فى هذا الكون ولا يعلم أن هناك من يشفع عنده مما تزعمون شفاعته . فهل تعملون أنتم ما لا يعلمه ، وهل تخبرونه بما لا يعلم له وجوداً فى السماوات ولا فى الأرض ؟ ! ! فالمقصود بهذه الجملة الكريمة التهكم بهم ، والسخرية بعقولهم وأفكارهم ، ونفى أن تكون الأوثان شفعاء عند الله بأبلغ وجه . والعائد فى قوله { بِمَا لاَ يَعْلَمُ } محذوف . والتقدير بما لا يعلمه . وقوله { فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ } حال من العائد المحذوف ، وهو مؤكد للنفى ، لأن ما لا يوجد فيهما فهو منتف عادة . قال صاحب الكشاف " فإن قلت كيف أنبأوا الله بذلك ؟ قلت هو تهكم بهم ، وبما ادعوه من المحال الذى هو شفاعة الأصنام ، وإعلام بأن الذى أنبأوا به باطل . فكأنهم يخبرونه بشىء لا يتعلق علمه به ، كما يخبر الرجل بما لا يعلمه . وقوله { فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ } تأكيد لنفيه ، لأن ما لم يوجد فيهما فهو منتف معدوم " . وقوله { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ } عن كل شريك ، وعما قاله هؤلاء الجاهلون من أن الأصنام شفعاء عنده . وبذلك تكون الآية الكريمة قد وبخت المشركين على عبادتهم لغير الله وعلى جهالاتهم وتقولهم على الله بغير علم . ثم بين - سبحانه - أن عبادة الناس لغيره - تعالى - إنما حدثت بعد أن اختلفوا واتبعوا الهوى . فقال { وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَٱخْتَلَفُواْ … }