Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 20-20)
Tafsir: at-Tafsīr al-wasīṭ li-l-Qurʾān al-Karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ومرادهم بالآية التى طلبوها آية كونية سوى القرآن الكريم ، بأن تكون معه - صلى الله عليه وسلم - ناقة كناقة صالح - عليه السلام - أو تكون معه عصا كعصا موسى - عليه السلام - وكأنهم لا يعتبرون القرآن آية كبرى ، ومعجزة عظمى على صدقه - صلى الله عليه وسلم - . ومرادهم بإنزالها عليه ظهورها على يديه - صلى الله عليه وسلم - حتى يروا ذلك بأعينهم . أى ويقول هؤلاء المشركون لنبيهم - صلى الله عليه وسلم - هلا أنزل الله عليك آية أخرى سوى القرآن الكريم تكون شاهدة لك بالنبوة ، كأن تعيد إلى الحياة آباءنا ، وكأن تحول جبال مكة إلى بساتين " . ومطالبهم هذه إنما طلبوها على سبيل العناد والتعنت لا على سبيل الاسترشاد والتثبت ، قال - تعالى - { وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱلْمَلاۤئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ ٱلْمَوْتَىٰ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُوۤاْ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ … } وقوله { فَقُلْ إِنَّمَا ٱلْغَيْبُ للَّهِ فَٱنْتَظِرُوۤاْ إِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ ٱلْمُنتَظِرِينَ } أمر من الله - تعالى - لرسوله - صلى الله عليه وسلم - بأن يرد عليهم بما يفحمهم . أى قل لهم فى الجواب على هذه المطالب المتعنتة إن هذه المطالب التى طلبتموها هى من علم الغيب الذى استأثر الله به ، فقد يجيبكم إليها - سبحانه - وقد لا يجيبكم ، فانتظروا فيما يقضيه الله فى أمر تعنتكم فى مطالبكم ، إنى معكم من المنتظرين لقضائه وقدره ، ولما يفعله بى وبكم . فالجملة الكريمة تهديد لهم على تعنتهم وجهلهم ، وتهوينهم من شأن القرآن الكريم ، مع أنه أصدق معجزة للرسول - صلى الله عليه وسلم - وأعظمها . ولقد حكى القرآن - فى آيات أخرى كثيرة - المطالب المتعنتة التى طلبها المشركون من النبى - صلى الله عليه وسلم - والتى تدل على عنادهم وجحودهم ، ومن ذلك قوله - تعالى - { وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ ٱلأَرْضِ يَنْبُوعاً . أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ ٱلأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً . أَوْ تُسْقِطَ ٱلسَّمَآءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِٱللَّهِ وَٱلْمَلاۤئِكَةِ قَبِيلاً . أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَىٰ فِي ٱلسَّمَآءِ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ . قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَراً رَّسُولاً } كما حكى أيضاً - سبحانه - أنه لو أجابهم إلى مطالبهم لما آمنوا ، لأنهم معاندون جاحدون فقال - تعالى - { إِنَّ ٱلَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ . وَلَوْ جَآءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ } وقال - سبحانه - { وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } وبعد أن ساقت السورة الكريمة جانبا من أقوال الذين لا يرجون لقاء الله ومن مقترحاتهم الباطلة ومن معتقداتهم الفاسدة ، أتبعت ذلك بتصوير بعض الطبائع البشرية تصويرا صادقا يكشف عن أحوال النفوس فى حالتى السراء والضراء فقال - تعالى - { وَإِذَآ أَذَقْنَا ٱلنَّاسَ رَحْمَةً مِّن بَعْدِ … } .