Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 11-11)

Tafsir: at-Tafsīr al-wasīṭ li-l-Qurʾān al-Karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

والمراد بالإِنسان هنا الجنس وليس واحدا معينا . قال الآلوسى وقوله { دعاءه بالخير } أى دعاء كدعائه بالخير ، فحذف الموصوف وحرف التشبيه وانتصب المجرور على المصدرية . والمعنى ويدعو الإِنسان حال غضبه وضجره ، على نفسه ، أو على غيره ، { بالشر } كأن يقول " اللهم أهلكنى ، أو أهلك فلانا … " . { دعاءه بالخير } أى يدعو بالشر على نفسه أو على غيره ، كدعائه بالخير ، كأن يقول اللهم اغفر لى ولوالدى وللمؤمنين . قال ابن كثير يخبر - تعالى - عن عجلة الإِنسان ، ودعائه فى بعض الأحيان على نفسه أو ولده ، أو ماله ، { بالشر } أى بالموت أو الهلاك والدمار واللعنة ونحو ذلك ، فلو استجاب له ربه لهلك بدعائه ، كما قال - تعالى - . { وَلَوْ يُعَجِّلُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ ٱلشَّرَّ ٱسْتِعْجَالَهُمْ بِٱلْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ … } وفى الحديث " لا تدعوا على أنفسكم ولا على أموالكم ، أن توافقوا من الله ساعة إجابة يستجيب فيها " . وقيل المراد بالإِنسان هنا الكافر ، أو الفاسق الذى يدعو الله - تعالى - بالشر ، كأن يسأله بأن ييسر له أمرا محرما كالقتل والسرقة والزنا وما يشبه ذلك . وقد أشار القرطبى إلى هذا الوجه بقوله " وقيل نزلت فى النضر بن الحارث ، كان يدعو ويقول - كما حكى القرآن عنه - { ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } وقيل هو أن يدعو فى طلب المحظور ، كما يدعو فى طلب المباح . كما فى قول الشاعر @ أطوف بالبيت فيمن يطوف وأرفع من مئزرى المُسْبَلِ واسجل بالليل حتى الصباح وأتلوا من المحكَمِ المنزلِ عسى فارج الهم عن يوسفٍ يُسخر لى ربة المَحْمَلِ @@ ويبدو لنا أن الرأى الأول أقرب إلى الصواب ، لأنه المأثور عن بعض الصحابة والتابعين وهم أدرى بتفسير كتاب الله من غيرهم . قال ابن جرير - رحمه الله - عند تفسيره لهذه الآية عن ابن عباس قال فى قوله - تعالى - { وَيَدْعُ ٱلإِنْسَانُ بِٱلشَّرِّ دُعَآءَهُ بِٱلْخَيْرِ … } يعنى قول الإِنسان اللهم العنه واغضب عليه ، فلو يعجل له الله ذلك كما يعجل له الخير لهلك … وقال قتادة يدعو على ماله فيلعن ماله ، ويدعو على ولده ، ولو استجاب الله له لأهلكه . وقال مجاهد ذلك دعاء الإِنسان بالشر على ولده وعلى امرأته ولا يحب أن يجاب . وقوله - تعالى - { وَكَانَ ٱلإِنْسَانُ عَجُولاً } بيان للسبب الذى حمل الإِنسان على أن يدعو بالشر كما يدعو بالخير . والعجول من العجل - بفتح العين والجيم - وهو الإِسراع فى طلب الشئ قبل وقته . يقال عجل - بزنة تعب - يعجل فهو عجلان ، إذا أسرع . أى وكان الإِنسان متسرعا فى طلب كل ما يقع فى قلبه ، ويخطر بباله ، لا يتأنى فيه تأنى المتبصر ، ولا يتأمل تأمل المتدبر . وشبيه بهذه الجملة قوله - تعالى - { خُلِقَ ٱلإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ } ثم ساق - سبحانه - ما يدل على كمال قدرته ، وسعة رحمته بعباده ، ومجازاتهم على أعمالهم يوم القيامة فقال - تعالى - { وَجَعَلْنَا ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَآ آيَةَ ٱلَّيلِ وَجَعَلْنَآ آيَةَ ٱلنَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ ٱلسِّنِينَ وَٱلْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً } .