Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 61-65)
Tafsir: at-Tafsīr al-wasīṭ li-l-Qurʾān al-Karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله - سبحانه - { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاۤئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمََ … } تذكير لبنى آدم بما جرى بين أبيهم وبين إبليس ، ليعتبروا ويتعظوا ، ويستمروا على عداوتهم لإِبليس وجنده . أى واذكروا - يا بنى آدم - وقت أن قلنا للملائكة { اسجدوا لآدم } سجود تحية وتكريم ، فسجدوا امتثالاً لأمر الله - تعالى - ، بدون تردد أو تلعثم ، { إلا إبليس } فإنه أبى السجود لآدم - عليه السلام - { وقال } بتكبر وعصيان لأمر ربه - عز وجل - { أأسجد } وأنا المخلوق من نار { لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً } أى أأسجد لمن خلقته من طين ، مع أننى أفضل منه . والتعبير بقوله { فسجدوا } بفاء التعقيب ، يفيد أن سجودهم - عليهم السلام - كان فى أعقاب أمر الله - تعالى - لهم مباشرة ، بدون تأخير أو تسويف . وقوله - تعالى - { قال أأسجد … } استئناف بيانى ، فكأنه قيل فماذا كان موقف إبليس من هذا الأمر ؟ فكان الجواب أن إبليس فسق عن أمر ربه وقال ما قال . والاستفهام فى { أأسجد } للإِنكار والتعجب ، لأن يرى - لعنه الله - أنه أفضل من آدم . وقوله { طينا } منصوب بنزع الخافض أى من طين . وقد جاء التصريح بإباء إبليس عن السجود لآدم ، بأساليب متنوعة ، وفى آيات متعددة ، منها قوله - تعالى - { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمََ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَٱسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ } وقوله - تعالى - { فَسَجَدَ ٱلْمَلاۤئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ أَن يَكُونَ مَعَ ٱلسَّاجِدِينَ } ثم فصل - سبحانه - ما قاله إبليس فى اعتراضه على السجود لآدم فقال { قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَـٰذَا ٱلَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً } . ورأى هنا علمية فتتعدى إلى مفعولين ، أولهما { هذا } والثانى محذوف لدلالة الصلة عليه ، والكاف حرف خطاب مؤكد لمعنى التاء قبله ، والاسم الموصول { الذى } بدل من { هذا } أو صفة له ، والمراد من التكريم فى قوله { كرمت على } التفضيل . والمعنى قال إبليس فى الرد على خالقه - عز وجل - أخبرنى عن هذا الإِنسان المخلوق من الطين ، والذى فضلته على ، لماذا فضلته على وأمرتنى بالسجود له مع أننى أفضل منه ، لأنه مخلوق من طين ، وأنا مخلوق من نار ! ! وجملة هذا الذى كرمت على ، واقعة موقع المفعول الثانى . ومقصود إبليس من هذا الاستفهام ، التهوين من شأن آدم - عليه السلام - والتقليل من منزلته . ولم يجبه - سبحانه - على سؤاله ، تحقيراً له . وإهمالاً لشخصه ، بسبب اعتراضه على أمر خالقه - عز وجل - . ثم أكد إبليس كلامه فقال { لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً } . إذ أن اللام فى قوله { لئن . … } موطئة للقسم ، وجوابه لأحتنكن . وأصل الاحتناك الاستيلاء على الشئ أو الاستئصال له . يقال حنك فلان الدابة يحتنكها - بكسر النون ورفعها - إذا وضع فى حنكها - أى فى ذقنها - الرسن ليقودها به . ويقال احتنك الجراد الأرض ، إذا أكل نباتها وأتى عليه . والمعنى قال إبليس - متوعداً ومهدداً - لئن أخرتن - يا إلهى - إلى يوم القيامة ، لأستولين على ذرية آدم ، ولأقودنهم إلى ما أشاء من المعاصى والشهوات ، إلا عدداً قليلاً منهم فإنى لا أستطيع ذلك بالنسبة لهم ، لقوة إيمانهم ، وشدة إخلاصهم . وهذا الذى ذكره - سبحانه - عن إبليس فى هذه الآية من قوله { لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً } شبيه به قوله - تعالى - { ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ } وقوله - تعالى - { قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ } قال بعض العلماء وقول إبليس فى هذه الآية { لأحتنكن ذريته … } قاله ظنا منه أنه سيقع . وقد تحقق له هذا الظن - فى كثير من بنى آدم - كما قال - تعالى { وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَٱتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } وقوله - تعالى - { قَالَ ٱذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ جَزَاءً مَّوْفُوراً } بيان لما توعد الله - سبحانه - به إبليس وأتباعه . والأمر فى قوله { اذهب } للإِهانة والتحقير . أى قال الله - تعالى - لإِبليس { اذهب } مطروداً ملعوناً ، وقد أخرناك إلى يوم القيامة ، فافعل ما بدالك مع بنى آدم ، فمن أطاعك منهم ، فإن جهنم جزاؤك وجزاؤهم ، جزاء مكملا متمما لا نقص فيه . وقال - سبحانه - { فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ } مع أنه قد تقدم غائب ومخاطب فى قوله { فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ } ، تغليباً لجانب المخاطب - وهو إبليس - على جانب الغائب وهم أتباعه . لأنه هو السبب فى إغواء هؤلاء الأتباع . وقوله { جزاء } مفعول مطلق ، منصوب بالمصدر قبله . وقوله { موفورا } اسم مفعول ، من قولهم وفر الشئ فهو وافر وموفور أى مكمل متمم . وهو صفة لقوله { جزاء } . وهذا الوعيد الذى توعد الله - تعالى - به إبليس وأتباعه ، جاء ما يشبههه فى آيات كثيرة ، منها قوله - سبحانه - { قَالَ فَٱلْحَقُّ وَٱلْحَقَّ أَقُولُ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ } ثم أضاف - سبحانه - إلى إهانته وتحقيره لإِبليس أوامر أخرى ، فقال - تعالى - { وَٱسْتَفْزِزْ مَنِ ٱسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي ٱلأَمْوَالِ وَٱلأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ ٱلشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً } . قال الجمل أمر الله - تعالى - إبليس بأوامر خمسة ، القصد بها التهديد والاستدراج ، لا التكليف ، لأنها كلها معاص ، والله لا يأمر بها . وهذه الأوامر الخمسة هى اذهب ، واستفزز … وأجلب … وشاركهم … وعدهم . وقوله واستفزز ، من الاستفزاز ، بمعنى الاستخفاف والإِزعاج ، يقال استفز فلان فلانا إذا استخف به ، وخدعه ، وأوقعه فيما أراده منه . ويقال فلان استفزه الخوف ، إذا أزعجه . وقوله { وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ } أصل الإِجلاب الصياح بصوت مسموع . يقال أجلب فلان على فرسه وجلب عليه ، إذا صاح به ليستحثه على السرعة فى المشى . قال الآلوسى " قوله { وأجلب عليهم } أى صح عليهم من الجلَبة وهى الصياح . قاله الفراء وأبو عبيدة . وقال الزجاج أجلب على العدو جمع عليه الخيل . وقال ابن السكيت جلب عليه أعان عليه . وقال ابن الأعرابى أجلب على الرجل ، إذا توعده الشر ، وجمع عليه الجمع . والخيل يطلق على الأفراس حقيقة ولا واحد له من لفظه ، وعلى الفرسان مجازا ، وهو المراد هنا . ومنه قول الرسول صلى الله عليه وسلم فى بعض غزواته لأصحابه " يا خيل الله اركبى " والرجل - بكسر الجيم - بمعنى راجل - كحذر بمعنى حاذر - هو الذى يمشى رجلاً ، أى غير راكب … " . والمعنى . قال الله - تعالى - لإِبليس اذهب أيها اللعين مذءوما مدحوراً . فإن جهنم هى الجزاء المعد لك ولأتباعك من ذرية آدم ، وافعل ما شئت معهم من الاستفزاز والخداع والإِزعاج ولهو الحديث وأجلب عليهم ما تستطيع جلبه من مكايد ، وما تقدر عليه من وسائل ، كأن تناديهم بصوتك ووسوستك إلى المعاصى ، وكأن تحشد جنودك على اختلاف أنواعهم لحربهم وإغوائهم وصدهم عن الطريق المستقيم . قال صاحب الكشاف " فإن قلت ما معنى استفزاز إبليس بصوته ، وإجلابه بخيله ورجله ؟ قلت هو كلام وارد مورد التمثيل شبهت حاله فى تسلطه على من يغويه ، بمغوار أوقع على قوم ، فصوت بهم صوتاً يستفزهم من أماكنهم ، ويقلقهم عن مراكزهم ، وأجلب عليهم بجنده ، من خيالة ورجالة حتى استأصلهم ، وقيل بصوته ، أى بدعائه إلى الشر ، وبخيله ، ورجله أى كل راكب وماش من أهل العبث . وقيل يجوز أن يكون لإِبليس خيل ورجال " . وعلى أية حال ، فالجملة الكريمة تصوير بديع ، لعداوة إبليس لآدم وذريته ، وأنه معهم فى معركة دائمة ، يستعمل فيها كل وسائل شروره ، ليشغلهم عن طاعة ربهم ، وليصرفهم عن الصراط المستقيم ، ولكنه لن يستطيع أن يصل إلى شئ من أغراضه الفاسدة ، ما داموا معتصمين بدين ربهم - عز وجل - . وقوله - سبحانه - { وَشَارِكْهُمْ فِي ٱلأَمْوَالِ وَٱلأَوْلادِ وَعِدْهُمْ } ، معطوف على ما قبله . أى وشاركهم فى الأموال ، بأن تحضهم على جمعها من الطرق الحرام ، وعلى إنفاقها فى غير الوجوه التى شرعها الله ، كأن يستعملوها فى الربا والرشوة وغير ذلك من المعاملات المحرمة . وشاركهم فى الأولاد بأن تحثهم على أن ينشئوهم تنشئة تخالف تعاليم دينهم الحنيف وبأن تيسر لهم الوقوع فى الزنا الذى يترتب عليه ضياع الأنساب ، وبأن تظاهرهم على أن يسموا أولادهم بأسماء يبغضها الله - عز وجل - ، إلى غير ذلك من وساوسك التى تغرى الآباء بأن يربوا أبناءهم تربية يألفون معها الشرور والآثام ، والفسوق والعصيان . قال الإِمام ابن جرير بعد أن ساق عدداً من الأقوال فى ذلك " وأولى الأقوال بالصواب أن يقال كل مولود ولدته أنثى ، عصى الله فيه ، بتسميته بما يكرهه الله ، أو بإدخاله فى غير الدين الذى ارتضاه الله ، أو بالزنا بأمه ، أو بقتله أو وأده ، أو غير ذلك من الأمور التى يعصى الله بفعله به أو فيه ، فقد دخل فى مشاركة إبليس فيه ، من ولد ذلك الولد له أو منه ، لأن الله لم يخصص بقوله { وَشَارِكْهُمْ فِي ٱلأَمْوَالِ وَٱلأَوْلادِ } معنى الشركة فيه ، بمعنى دون معنى ، فكل ما عصى الله فيه أو به ، أو أطيع الشيطان فيه أو به فهو مشاركة … " . وقد علق الإِمام ابن كثير على كلام ابن جرير بقوله وهذا الذى قاله - ابن جرير - متجه ، فقد ثبت فى صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " يقول الله - عز وجل - إنى خلقت عبادى حنفاء ، فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم ، وحرمت عليهم ما أحللت لهم " . وفى الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لو أن أحدهم إذا أراد أن يأتى أهله قال باسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ، فإنه إن يقدر بينهما ولد فى ذلك لم يضره الشيطان أبداً " . وقوله { وعدهم } أى وعدهم بما شئت من المواعيد الباطلة الكاذبة . كأن تعدهم بأن الدنيا هى منتهى آمالهم . فعليهم أن يتمتعوا بها كيف شاءوا بدون تقيد بشرع أو دين أو خلق . وكأن تعدهم بأنه ليس بعد الموت حساب أو ثواب أو عقاب ، أو جنة أو نار … وقوله سبحانه { وَمَا يَعِدُهُمُ ٱلشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً } تحذير من الله تعالى لعباده من اتباع الشيطان ، ومن السير وراء خطواته . وأصل الغرور تزين الباطل بما يوهم أنه حق . يقال غر فلان فلانا فهو يغُره غروراً إذا خدعه ، وأصله من الغُرُّ ، وهو الأثر الظاهر من الشئ ، ومنه غرة الفرس لأنها أبرز ما فيه . ولفظ { غرورا } صفة لموصوف محذوف . والتقدير وعدهم - أيها الشيطان - بما شئت من الوعود الكاذبة ، وما يعد الشيطان بنى آدم إلا وعدا غرورا . ويجوز أن يكون مفعولاً لأجله فيكون المعنى وما يعدهم الشيطان إلا من أجل الغرور والمخادعة . وفى الجملة الكريمة التفات من الخطاب إلى الغيبة ، إهمالاً لشأن الشيطان ، وبياناً لحاله مع بنى آدم حتى يحترسوا منه ويحذروه . ثم ختم - سبحانه - الآيات بغرس الطمأنينة فى قلوب المؤمنين الصادقين ، فقال - تعالى - { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلاً } . أى إن عبادى الصالحين الذين أخلصوا دينهم لى ، ليس لك - يا إبليس - تسلط واقتدار على إغوائهم وإضلالهم ، وصرفهم عن السبيل الحق إلى السبيل الباطل . قال - تعالى - { إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَىٰ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَىٰ ٱلَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَٱلَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ } وقال - سبحانه - { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ } والإِضافة فى قوله { إن عبادى … } للتشريف والتكريم حيث خصهم - سبحانه - بهذا اللون من الرعاية والحماية . وقوله { وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلاً } أى وكفى بربك وكيلا يتوكلون عليه ، ويفوضون إليه أمورهم ، ويعتصمون به لكى يقيهم وساوس الشيطان ونزغاته . قال الإِمام ابن كثير قوله { وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلاً } أى حافظاً ومؤيداً ونصيراً . روى الإِمام أحمد عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن المؤمن ليُنْضِى شيطانه - أى ليقهره - كما ينضى أحدكم بعيره فى السفر " . وقال الجمل فى حاشيته " وهذه الآية تدل على أن المعصوم من عصمه الله . وأن الإِنسان لا يمكنه أن يحترز بنفسه عن مواقع الضلال ، لأنه لو كان الإِقدام على الحق ، والإِحجام عن الباطل إنما يحصل للإِنسان من نفسه ، لوجب أن يقال وكفى بالإِنسان نفسه فى الاحتراز عن الشيطان . فلما لم يقل ذلك ، بل قال وكفى بربك وكيلاً . علمنا أن الكل من الله . ولهذا قال المحققون لا حول عن معصية الله إلا بعصمة الله ، ولا قوة على طاعته إلا بقوته " . وبعد أن بين - سبحانه - لبنى آدم ما يبيته إبليس من عداوة وبغضاء ، أتبع ذلك ببيان جانب من نعمه - تعالى - عليهم فى البر والبحر وفى السراء والضراء فقال - عز وجل - { رَّبُّكُمُ ٱلَّذِي يُزْجِي لَكُمُ ٱلْفُلْكَ فِي ٱلْبَحْرِ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً } .