Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 54-59)
Tafsir: at-Tafsīr al-wasīṭ li-l-Qurʾān al-Karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله - سبحانه - { صرفنا } من التصريف بمعنى التنويع والتكرير . والمثل هو القول الغريب السائر فى الآفاق الذى يشبه مضربه مورده . وقد أكثر القرآن من ضرب الأمثال لإِيضاح المعنى الخفى وتقريب الأمر المعقول من الأمر المحسوس ، وعرض الأمر الغائب فى صورة الحاضر . والمعنى ولقد كررنا ورددنا ونوعنا فى هذا القرآن من أجل هداية الناس ، ورعاية مصلحتهم ومنفعتهم ، من كل مثل من الأمثال التى تهدى النفوس ، وتشفى القلوب ، لعلهم بذلك يسلكون طريق الحق ، ويتركون طريق الباطل . فالمقصود بهذه الجملة الكريمة ، الشهادة من الله - تعالى - بأن هذا القرآن الذى أنزله - سبحانه - على نبيه صلى الله عليه وسلم فيه من الأمثال الكثيرة المتنوعة النافعة ، ما يرشد الناس إلى طريق الحق والخير ، متى فتحوا قلوبهم له . وأعملوا عقولهم لتدبره وفهمه . ومفعول { صرفنا } محذوف ، و " من " لابتداء الغاية ، أى ولقد صرفنا البينات والعبر والحكم فى هذا القرآن ، من أنواع ضرب المثل لمنفعة الناس ليهتدوا ويذكروا . ثم بين - سبحانه - موقف الإِنسان من هذه الأمثال فقال { وَكَانَ ٱلإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً } . والمراد بالإنسان الجنس ، ويدخل فيه الكافر والفاسق دخولا أوليا . والجدل الخصومة والمنازعة مع الغير فى مسألة من المسائل . أى وكان الإنسان أكثر شئ مجادلة ومنازعة لغيره ، أى أن جدله أكثر من جدل كل مجادل . قال الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية ولقد بينا للناس فى هذا القرآن ، ووضحنا لهم الأمور ، وفصلناها ، كيلا يضلوا عن الحق … ومع هذا البيان ، فالإنسان كثير المجادلة والمعارضة للحق بالباطل ، إلا من هدى الله وبصره لطريق النجاة . قال الإمام أحمد " حدثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب . عن الزهرى قال أخبرنى على بن الحسين ، أن الحسين بن على أخبره ، أن على بن أبى طالب أخبره . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طرق عليا وفاطمة ليلة فقال " ألا تصليان ؟ " فقلت يا رسول الله ، إنما أنفسنا بيد الله … فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا . فانصرف حين قلت ذلك ولم يرفع إلى بشئ ثم سمعته وهو مول يضرب فخذه ويقول " وكان الإِنسان أكثر شئ جدلا " . وفى التعبير عن الإنسان فى هذه الجملة بأنه { شئ } وأنه { أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً } إشعار لهذا الإِنسان بأن من الواجب عليه أن يقلل من غروره وكبريائه . وأن يشعر بأنه خلق من مخلوقات الله الكثيرة ، وأن ينتفع بأمثال القرآن ومواعظه وهداياته … لا أن يجادل فيها بالباطل . ومنهم من يرى أن المراد بالإنسان هنا الكافر ، أو شخص معين ، قيل هو النضر بن الحارث ، وقيل أبى بن خلف . لكن الظاهر أن المراد به العموم - كما أشرنا - ويدخل فيه هؤلاء دخولا أوليا . ثم حكى - سبحانه - الأسباب التى منعت بعض الناس من الإِيمان فقال { وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤْمِنُوۤاْ إِذْ جَآءَهُمُ ٱلْهُدَىٰ وَيَسْتَغْفِرُواْ رَبَّهُمْ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ ٱلأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ ٱلْعَذَابُ قُبُلاً } . والمراد بالناس كفار مكة ومن حذا حذوهم فى الشرك والضلال والمراد بسنة الأولين ما أنزله - سبحانه - بالأمم السابقة من عذاب بسبب إصرارها على الكفر والجحود . والمعنى وما منع الكفار من الإِيمان وقت أن جاءهم الهدى عن طريق نبيهم صلى الله عليه وسلم ومن أن يستغفروا ربهم من ذنوبهم ، إلا ما سبق فى علمنا ، من أنهم لا يؤمنون ، بل يستمرون على كفرهم حتى تأتيهم سنة الأولين ، أى سنتنا فى إهلاكهم بعذاب الاستئصال بسبب إصرارهم على كفرهم . ويجوز أن يكون الكلام على حذف مضاف ، و " أن " وما بعدها فى قوله { إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمْ } فى تأويل فاعل الفعل { منع } . والمعنى وما منع الناس من الإيمان والاستغفار وقت مجئ الهدى إليهم ، إلا طلب إتيان سنة الأولين ، كأن يقولوا - كما حكى الله - تعالى - عن بعضهم { فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } فسنة الأولين أنهم طلبوا من أنبيائهم تعجيل العذاب ، فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر . وقوله { أَوْ يَأْتِيَهُمُ ٱلْعَذَابُ قُبُلاً } بيان لعذاب آخر ينتظرونه . وكلمة { قُبُلا } قرأها عاصم والكسائى وحمزة - بضم القاف والباء - على أنها جمع قبيل وهو النوع فيكون المعنى أو يأتيهم العذاب على صنوف وأنواع مختلفة ، ومن جهات متعددة يتلو بعضها بعضا . وقرأها الباقون { قِبَلا } - بكسر القاف وفتح الباء - بمعنى عيانا ومواجهة . والمعنى أو يأتيهم العذاب عيانا وجهارا ، وأصله من المقابلة ، لأن المتقابلين يعاين ويشاهد كل منهما الآخر . وهى على القراءتين منصوبة على الحالية من العذاب . فحاصل معنى الآية الكريمة أن هؤلاء الجاحدين لا يؤمنون ولا يستغفرون إلا حين نزول العذاب الدنيوى بهم وهو ما اقتضته سنة الله - تعالى - فى أمثالهم ، أو حين نزول أصناف العذاب بهم فى الآخرة . ثم بين - تعالى - وظيفة الرسل فقال { وَمَا نُرْسِلُ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ } . أى تلك هى وظيفة الرسل الكرام الذين نرسلهم لهداية الناس وإخراجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإِيمان . فهم يبشرون المؤمنين بحسن العاقبة وجزيل الثواب ، وينذرون الفاسقين والكافرين بسوء العاقبة ، وشديد العقاب . وقوله - تعالى - { وَيُجَادِلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلْبَاطِلِ لِيُدْحِضُواْ بِهِ ٱلْحَقَّ } بيان لموقف الكافرين من الرسل - عليهم الصلاة والسلام - . ويجادل من المجادلة بمعنى المخاصمة والمنازعة . ومفعوله محذوف . والباطل هو الشئ الزائل المضمحل الذى هو ضد الحق والعدل . والحق هو الشئ الثابت القويم الذى تؤيده شريعة الله - عز وجل - . والدحض الطين الذى لا تستقر عليه الأقدام . فمعنى يدحضوا يزيلوا ويبطلوا تقول العرب دحضت رجل فلان ، إذا زلت وزلقت … ومنه قوله - تعالى - { حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِندَ رَبِّهِمْ } والمعنى ويجادل الذين كفروا رسلهم بالجدال الباطل ، ليزيلوا به الحق الذى جاء به هؤلاء الرسل ويدحضوه ويبطلوه ، والله - تعالى - متم نوره ولو كره الكافرون ، فإن الباطل مهما طال فإن مصيره إلى الاضمحلال والزوال . وقوله - تعالى - { وَٱتَّخَذُوۤاْ آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُواْ هُزُواً } معطوف على ما قبله لبيان رذيلة أخرى من رذائل هؤلاء الكافرين . والمراد بآيات الله تلك المعجزات التى أيد الله - تعالى - بها رسله سواء أكانت قولا أم فعلا ، ويدخل فيها القرآن دخولا أوليا . أى أن هؤلاء الكافرين لم يكتفوا بجدال رسلهم بالباطل ، بل أضافوا إلى ذلك أنهم اتخذوا الآيات التى جاء بها الرسل كدليل على صدقهم ، واتخذوا ما أنذروهم به من قوارع إذا ما استمروا على كفرهم . اتخذوا كل ذلك { هزوا } أى اتخذوها محل سخريتهم ولعبهم ولهوهم واستخفافهم ، كما قال - سبحانه - { وَقَالَ ٱلرَّسُولُ يٰرَبِّ إِنَّ قَوْمِي ٱتَّخَذُواْ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ مَهْجُوراً } ثم بين - سبحانه - سوء عاقبة المعرضين عن التذكير وعن آيات الله فقال { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَٰتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ } . والاستفهام هنا للنفى والإِنكار والمراد بالآيات آيات القرآن الكريم . لقوله - تعالى - بعد ذلك { أن يفقهوه } . والمراد بالنسيان الترك والإِهمال وعدم التفكر والتدبر فى العواقب . أى ولا أحد أشد ظلما وبغيا . من إنسان ذكره مذكر ووعظه بآيات الله التى أنزلها على رسوله صلى الله عليه وسلم فأعرض عنها دون أن يقبلها أو يتأملها . بل نبذها وراء ظهره ، ونسى ما قدمت يداه من السيئات والمعاصى ، نسيان ترك وإهمال واستخفاف . ثم بين - سبحانه - علة هذا الإِعراض والنسيان فقال { إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَىٰ ٱلْهُدَىٰ فَلَنْ يَهْتَدُوۤاْ إِذاً أَبَداً } . والأكنة جمع كنان بمعنى غطاء والوقر الثقل والصمم . يقال فلان وقرت أذنه ، أى ثقل سمعها وأصيبت بالصمم . أى إنا جعلنا على قلوب هؤلاء الظالمين المعرضين عن الحق ، أغطية تمنع قلوبهم عن وصول النور إليها ، وتحجبها عن فقه آياته - سبحانه - وجعلنا - أيضا - فى آذانهم صمما وثقلا عن سماع ما ينفعهم وذلك يسبب استحبابهم العمى على الهدى ، وإيثارهم الكفر على الإِيمان . { وإن تدعهم } أيها الرسول الكريم { إلى الهدى } والرشد فلن ، يستجيبوا لك ، ولن { يَهْتَدُوۤاْ إِذاً أَبَداً } إلى الحق وإلى الصراط المستقيم ، بسبب زيغ قلوبهم ، واستيلاء الكفر والجحود والعناد عليها . والضمير فى قوله { أن يفقهوه } يعود إلى الآيات ، وتذكيره وإفراده باعتبار المعنى ، إذ المراد منها القرآن الكريم . وجاءت الضمائر فى أول الآية بالإِفراد ، كما فى قوله ، { ذُكر } و { فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ } باعتبار لفظ " من " فى قوله { ومن أظلم } وجاءت بعد ذلك بالجمع كما فى قوله سبحانه - { إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً . . } باعتبار المعنى . وهذا الأسلوب كثير فى القرآن الكريم ، ومنه قوله - تعالى - { وَمَن يُؤْمِن بِٱللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ ٱللَّهُ لَهُ رِزْقاً } فالضمير فى قوله " يؤمن ويعمل ويدخله " جاء بصيغة الإِفراد باعتبار لفظ " من " ، وفى قوله { خالدين فيها } جاء بصيغة الجمع باعتبار معنى " من " . ثم ساق - سبحانه - بعد ذلك ما يدل على سعة رحمته ، وعظيم فضله فقال { وَرَبُّكَ ٱلْغَفُورُ ذُو ٱلرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُواْ لَعَجَّلَ لَهُمُ ٱلْعَذَابَ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُواْ مِن دُونِهِ مَوْئِلاً } . أى وربك - أيها الرسول الكريم - هو صاحب المغفرة الكثيرة ، وصاحب الرحمة التى وسعت كل شئ . لو يؤاخذ الناس بما كسبوا من الذنوب والمعاصى ، لعجل لهم العذاب بسبب ما يرتكبونه من كفر وآثام . ولكنه - سبحانه - لم يعجل لهم العذاب رحمة منه وحلما . وجملة { بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ … } معطوفة على مقدر ، فكأنه - سبحانه - قال لكنه - سبحانه - لم يؤاخذهم ، بل جعل وقتا معينا لعذابهم ، لن يجدوا من دون هذا العذاب موئلا . أى ملجأ يلتجئون إليه ، أو مكانا يعتصمون به . فالموئل اسم مكان . يقال وَأَلَ فلان إلى مكان كذا يَئِل وَأْلاً … إذا لجأ إليه ليعتصم به من ضر متوقع . فالآية الكريمة تبين أن الله - تعالى - بفضله وكرمه لا يعاجل الناس . بالعقاب ، ولكنه - عز وجل - ليس غافلا عن أعمالهم ، بل يؤخرهم إلى الوقت الذى تقتضيه حكمته ، لكى يعاقبهم على ما ارتكبوه من ذنوب وآثام . وفى معنى هذه الآية وردت آيات كثيرة ، منها قوله - تعالى - { وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ وَلَـٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً } وقوله - تعالى - { وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } ثم بين - سبحانه - سننه فى الأمم الماضية فقال { وَتِلْكَ ٱلْقُرَىٰ أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِداً } . واسم الاشارة " تلك " تعود إلى القرى المهلكة بسبب كفرها وفسوقها عن أمر ربها ، كقرى قوم نوح وهود وصالح - عليهم السلام - . والقرى جمع قرية والمراد بها أهلها الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والجحود . أى وتلك القرى الماضية التى أصر أهلها على الكفر والفسوق والعصيان أهلكناهم بعذاب الاستئصال فى الدنيا ، بسبب هذا الكفر والظلم ، وجعلنا لوقت هلاكهم موعدا لا يتأخرون عنه ساعة ولا يستقدمون . ولفظ " تلك " مبتدأ ، والقرى صفة له أو عطف بيان ، وجملة { أهلكناهم } هى الخبر . وقوله { لما ظلموا } بيان للأسباب التى أدت بهم إلى الهلاك والدمار ، أى أهلكناهم بسبب وقوع الظلم منهم واستمرارهم عليه . وجئ باسم الاشارة " تلك " للإِشعار بإن أهل مكة يمرون على تلك القرى الظالمة المهلكة ، ويعرفون أماكنهم معرفة واضحة عند أسفارهم من مكة إلى بلاد الشام . قال - تعالى - { وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ وَبِٱلَّيلِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } وقوله { وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِداً } قرأ الجمهور ، { لمهلكهم } ، - بضم الميم وفتح اللام - على صيغة اسم المفعول ، وهو محتمل أن يكون مصدرا ميميا . أى وجعلنا لإِهلاكهم موعدا . ويحتمل أن يكون اسم زمان ، أى وجعلنا لزمان إهلاكهم موعدا . وقرأ حفص عن عاصم { لمهلكهم } بفتح الميم وكسر اللام - فيكون اسم زمان ، وقرأ شعبة عن عاصم . { لمهلكهم } - بفتح الميم واللام - فيكون مصدرا ميميا . وإلى هنا نجد الآيات الكريمة قد وضحت أن القرآن الكريم قد نوع الله - تعالى - فيه الأمثال لقوم يعقلون ، كما بينت أن الإِنسان مجبول على المجادلة والمخاصمة . وأن المشركين قد أصروا على شركهم بسبب انطماس بصائرهم . وزيغهم عن الحق ، وأن الرسل - عليهم الصلاة والسلام - وظيفتهم البلاغ والتبشير والإِنذار ، وأن عاقبة الجاحدين الذين ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم هى النار وبئس القرار ، وأن الله - تعالى - يمهل الظالمين ولا يهملهم ، فهو كما قال - سبحانه - { نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ ٱلْعَذَابُ ٱلأَلِيمُ } ثم ساق - سبحانه - قصة فيها ما فيها من الأحكام والعظات ، ألا وهى قصة موسى - عليه السلام - مع عبد من عباد الله الصالحين ، فقال - تعالى - { وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَاهُ لاۤ أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ ٱلْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً … } .