Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 54-55)

Tafsir: at-Tafsīr al-wasīṭ li-l-Qurʾān al-Karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أى واذكر فى هذا الكتاب لقومك - أيها الرسول الكريم - خبر جدك إسماعيل بن إبراهيم - عليهما السلام - لكى يتأسوا به فى صفاته الجليل ، { إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ ٱلْوَعْدِ } ويكفى للدلالة على صدق وعده ، وشدة وفائه ، أنه وعد أباه بصبر على ذبحه فمل يخلف وعده . بل قال - كما حكى القرآن عنه - { يٰأَبَتِ ٱفْعَلْ مَا تُؤمَرُ سَتَجِدُنِيۤ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّابِرِينَ } ووصف بصدق الوعد وإن كان غيره من النبيين كذلك تشريفاً وتكريماً له ، ولأن هذا الوصف من الأوصاف التى اكتملت شهرتها فيه . وقد مدح الله - تعالى - الأوفياء بعهودهم فى آيات كثيرة منها قوله - تعالى - { وَٱلْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَٱلصَّابِرِينَ فِي ٱلْبَأْسَآءِ وٱلضَّرَّاءِ وَحِينَ ٱلْبَأْسِ أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُتَّقُونَ } وروى الإمام الطبرانى عن ابن مسعود قال لا يعد أحدكم صبيه ثم لا ينجز له فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال " العدة دين " . وقال القرطبى " والعرب تمتدح بالوفاء ، وتذم بالخلف والغدر ، وكذلك سائر الأمم ، ولقد أحسن القائل متى ما يقل حر لصاحب حاجة نعم ، يقضها ، والحر للوعد ضامن . وقوله - تعالى - { وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً } أى وكان من رسلنا الذين أرسلناهم لتبليغ شريعتنا ، ومن أنبيائنا الذين رفعنا منزلتهم وأعلينا قدرهم . قالوا وكانت رسالته بشريعة أبيه إلى قبيلة جرهم من عرب اليمن ، الذين نزلوا على أمه هاجر بوادى مكة حين خلفها إبراهيم وهى وابنها بذلك الوادى ، فسكنوا هناك حتى كبر إسماعيل وزوجوه منهم ، وأرسله الله - تعالى - إليهم " . ثم وصفه الله - تعالى - بصفة كريمة ثالثة فقال { وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِٱلصَّـلاَةِ وَٱلزَّكَـاةِ … } . أى وكان بجانب حرصه على أداء هاتين الفريضتين ، يأمر أهله وأقرب الناس إليه بالحرص على أدائهما حتى يكون هو وأهله قدوة لغيرهم فى العمل الصالح . وكان النبى - صلى الله عليه وسلم - يفعل ذلك الذى أثنى الله به على نبيه إسماعيل استجابة لقوله - تعالى - { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلاَةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا … } قال الإمام ابن كثير " وقد جاء فى الحديث عن أبى هريرة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته ، فإن أبت نضح فى وجهها الماء ، رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فإن أبى نضحت فى وجهه الماء " . وعن أبى سعيد عن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال " إذا استيقظ الرجل من الليل وأيقظ امرأته فصليا ركعتين ، كتبا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات " . ثم ختم - سبحانه - هذه الصفات الجميلة التى مدح بها نبيه إسماعيل فقال { وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً } . أى وكان إسماعيل عند ربه مرضى الخصال ، لاستقامته فى أقواله وأفعاله ، وللصدق فى وعده ، ولأمره أهله بالصلاة والزكاة ، ولا شك أن من جمع هذه المناقب كان ممن رضى الله عنهم ورضوا عنه . ثم ختم الله هذا الحديث عن بعض الأنبياء ، بذكر جانب من قصة إدريس - عليه السلام - فقال { وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَابِ إِدْرِيسَ … } .