Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 30-33)
Tafsir: at-Tafsīr al-wasīṭ li-l-Qurʾān al-Karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ففى هذه الآيات الكريمة عطف - سبحانه - قصة خلق آدم أبى البشر على قصة خلق الأنفس وخلق السماوات والأرض انتقالا فى الاستدلال على أن الله واحد ، وجمعاً بين تعدد الأدلة وبين مختلف الحوادث وأصلها ، حتى يكون التدليل أجمع ، والإِيمان بالله أقوى وأثبت . وإذ وإذا ظرفان للزمان ، الأول للماضى والثانى للمستقبل ، فإن جاء إذ مع المضارع أفاد الماضى كقوله { وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِيۤ أَنعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ … } وإن جاء إذا مع الماضى أفاد الاستقبال كقوله { إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ } وإذ هنا واقعة موقع المفعول به لعامل مقدر دل عليه المقام . والمعنى واذكر يا محمد وقت أن قال ربك للملائكة إنى جاعل فى الأرض خليفة . وقد جاء هذا المقدر هنا مصرحاً به فى آيات أخرى كما قال تعالى { وَٱذكُرُوۤاْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ } والملائكة جمع ملك . والتاء لتأنيث الجمع ، وأصله ملأك ، من ملك ، نحو شمال من شمل ، والهمزة زائدة وهو مقلوب مالك ، وقيل إن ملاك من لأك إذا أرسل ، ومنه الألوكة ، أى الرسالة . والملائكة ، هم جند من خلق الله ، ركز الله فيهم العقل والفهم ، وفطرهم على الطاعة ، وأقدرهم على التشكيل بأشكال مختلفة ، وعلى الأعمال العظيمة الشاقة ، ووصفهم فى القرآن بأوصاف كثيرة منها أنهم { يُسَبِّحُونَ ٱلْلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ } وأنهم لا يعصون الله ما أمرهم { وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } ومنها أنهم رسل الله أرسلهم بأمره " ومنهم رسل الوحى إلى من اصطفاهم من خلقه للنبوة والرسالة . قال تعالى { جَاعِلِ ٱلْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً } وقال تعالى { ٱللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ ٱلْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ ٱلنَّاسِ } وقال - تعالى - { يُنَزِّلُ ٱلْمَلاۤئِكَةَ بِٱلْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ } والخليفة من يخلف غيره وينوب منابه ، فهو فعيل بمعنى فاعل . والتاء فيه للمبالغة ، والمراد به آدم - عليه السلام - لأنه كان خليفة من الله فى الأرض ، وكذلك سائر الأنبياء استخلفهم الله - تعالى - فى عمارة الأرض ، وسياسة الناس ، وتكميل نفوسهم ، وإجراء أحكامه عليهم ، وتنفيذ أوامره فيهم . وقيل آدم وذريته ، لأنه يخلف بعضهم بعضاً فى عمارة الأرض ، واستغنى بذكره عن ذكر ذريته لكونه الأصل . وخطاب الله لملائكته بأنه سيجعل فى الأرض خليفة ، ليس المقصود منه المشورة ، وإنما خاطبهم بذلك من أجل ما ترتب عليه من سؤالهم عن وجه الحكمة من هذه الخلافة ، وما أجيبوا به من بعد ، أو من أجل تعليم العباد المشاورة فى أمورهم قبل أن يقدموا عليها وعرضها على ثقاتهم ونصائحهم وإن كان هو - سبحانه - بعلمه وحكمته البالغة غنياً عن المشاورة . أو الحكمة تعظيم شأن المجهول ، وإظهار فضله ، بأن بشر بوجود سكان ملكوته ، ونوه بعظيم شأن المجعول بذكره فى الملأ الأعلى قبل إيجاده ، ولقبه بالخليفة . ثم حكى - سبحانه - إجابة الملائكة فقال { قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ } . الفساد الخروج عن الاعتدال والاستقامة ويضاده الصلاح . يقال فسد الشىء فساداً وفسوداً وأفسده غيره . والسفك الصب والإِهراق ، يقال سفكت الدم والدمع سفكاً - من باب ضرب - صببته . والفاعل سافك وسفاك ، والمراد به حصول التقاتل بين أفراد بنى الإِنسان ظلماً وعدواناً . والتسبيح مشتق من السبح وهو المر السريع فى الماء أو فى الهواء ، فالمسبح مسرع فى تنزيه الله وتبرئته من السوء . والتقديس التطهير والتعظيم ووصفه بما يليق به من صفات الكمال . فيكون التسبيح نفى ما لا يليق ، والتقديس إثبات ما يليق ، وقدم التسبيح على التقديس من باب تقديم التخلية على التحلية . والمعنى أتجعل فى الأرض يا إلهنا من يفسد فيها ويريق الدماء والحال أننا نحن ننزهك عما لا يليق بعظمتك ، تنزيهاً متلبساً بحمدك والثناء عليك ، ونطهر ذكرك عما لا يليق بك تعظيماً لك وتمجيداً . وقولهم { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا … } إلخ إنما صدر منهم على وجه استطلاع الحكمة فى خلق نوع من الكائنات يصدر منه الإِفساد فى الأرض وسفك الدماء . وقطعهم بحكمة الله فى كل ما يفعل لا ينافى تعجبهم من بعض أفعاله ، لأن التعجب يصدر عن خفاء سبب الفعل ، فمن تعجب من فعل شىء وأحب الاطلاع على الحكمة الباعثة على فعله لا يعد منكرا . والملائكة لا يعلمون الغيب ، فلابد أن يكونوا قد علموا ماذا سيكون من الفساد فى الأرض وسفك الدماء بوجه من الوجوه التى يطلع الله بها على غيبه بعض المصطفين الأخبار من خلقه . قال الإِمام ابن كثير فى توضيح هذا المعنى قوله - تعالى - { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ ٱلدِّمَآءَ } أرادوا أن من هذا الجنس من يفعل ذلك وكأنهم علموا ذلك بعلم خاص ، أو بما فهموه من الطبيعة البشرية ، فإنه أخبرهم أنه يخلق هذا الصنف من صلصال من حمأ مسنون ، أو فهموا من الخليفة أنه الذى يفصل بين الناس ما يقع بينهم من المظالم . ويردعهم عن المحارم والمآثم … وقول الملائكة هذا ليس على وجه الاعتراض على الله ولا على وجه الحسد لبنى آدم كما قد يتوهمه البعض … وإنما هو سؤال استعلام واستكشاف عن الحكمة فى ذلك ، يقولون يا ربنا ما الحكمة فى خلق هؤلاء مع أن منهم من يفسد فى الأرض ، ويسفك الدماء فإن كان المراد عبادتك فنحن نسبح بحمدك ونقدس لك ، ولا يصدر منا شىء من ذلك فهلا وقع الاقتصار علينا ؟ . وقد رد الله - تعالى - على الملائكة بقوله { قَالَ إِنِّيۤ أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } . أى إنى أعلم من المصلحة الراجحة فى خلق هذا الصنف على المفاسد التى ذكرتموها ما لا تعلمون أنتم ، فإنى سأجعل فيهم الأنبياء ، وأرسل فيهم الرسل ويوجد منهم الصديقون والشهداء والصالحون والعباد والزهاد والأولياء والأبرار والمقربون والعلماء العاملون والمحبون له - تعالى - المتبعون رسله . فالجملة الكريمة إرشاد لهم إلى الأمر الذى من شأنه أن يقف بهم عند حدود الأدب اللائق بمقام الخالق - عز وجل - وتنبيه إلى أنه - تعالى - عالم بما لا يحيط به علم أحد من خلقه ، فله أن يفعل ما يشاء ويأمر بما يشاء . وليس من أدب المؤمنين بأنه العليم الحكيم أن يسألوه حين يأمرهم بشىء ، أو يعلمهم بأنه سيفعل شيئاً ، عن حكمة ما أمر به أو ما سيفعله ، بل شأنهم أن يتجهوا إلى استطلاع حكمة الأفعال والأوامر من أنفسهم ، فإذا أدركوها فقد ظفروا بأمنيتهم ، وان وقفت عقولهم دونها ، ففى تسليمهم لقدر الله ، وامتثالهم لأوامره الكفاية فى القيام بحق التكليف والفوز برضا الله ، الذى هو الغاية من الإِيمان به والإِقبال على طاعته . قال بعض العلماء " وفى هذه الآية الكريمة تسلية للنبى صلى الله عليه وسلم عن تكذيب بعض الناس له ، لأنه إذا كان الملأ الأعلى قد مثلوا على أنهم يختصمون ويطلبون البيان والبرهان فيما لا يعلمون ، فأجدر بالناس أن يكونوا معذورين - وبالأنبياء أن يعاملوهم كما عامل الله الملائكة المقربين ، أى فعليك يا محمد أن تصبر على هؤلاء المكذبين ، وترشد المسترشدين ، وتأتى أهل الدعوة بسلطان مبين . ثم أخذ - سبحانه - فى بيان جانب من حكمة خلق آدم ، وجعله خليفة فى الأرض ، بعد أن أجاب الملائكة على سؤالهم بالجواب المناسب الحكيم فقال - تعالى - { وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلأَسْمَآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى ٱلْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَآءِ هَـٰؤُلاۤءِ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ } . علم من التعليم وهو التعريف بالشىء . وآدم اسم لأبى البشر ، قيل إنه عبرانى مشتق من أدمه ، وهى لغة عبرانية معناها التراب ، كما أن " حواء " كلمة عبرانية معناها " حى " وسميت بذلك لأنها تكون أم الأحياء . و { ٱلأَسْمَآءَ } جمع اسم ، والاسم ما يكون علامة على الشىء ، وتأكيد الأسماء بلفظ " كلها " فى أنه علمه أسماء كل ما خلق من المحدثات من إنسان وحيوان ودابة ، وطير ، وغير ذلك . ويصح حمل الأسماء على خواص الأشياء ومنافعها ، فإن الخواص والمنافع علامات على ما تتعلق به من الحقائق . وقوله { ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى ٱلْمَلاَئِكَةِ } عرض الشىء إظهاره وإبانته والضمير فى { عَرَضَهُمْ } يعود على المسميات ، وهى مفهومة من قوله { ٱلأَسْمَآءَ كُلَّهَا } إذ الأسماء لابد لها من مسميات ، فإذا أجرى حديث عن الأسماء حضر فى ذهن السامع ما هو لازم لها ، أعنى المسميات . ودل على المسميات بضمير جمع الذكور العقلاء فقال { عَرَضَهُمْ } ولم يقل عرضها ، لأن فى جملة هذه المسميات أنواعاً من العقلاء كالملائكة ، والإِنس ، ومن الأساليب المعروفة بين فصحاء العرب تغليب الكامل على الناقص ، فإذا اشتركا فى نحو الجمع أو التثنية أتى بالجمع أو التثنية على ما يطلق حال الكامل منهما . والأمر فى قوله { أَنْبِئُونِي بِأَسْمَآءِ هَـٰؤُلاۤءِ } ، ليس من قبيل الأوامر التى يقصد بها التكليف ، أى طلب الإِِتيان بالمأمور به ، وإنما هو وارد على جهة إفحام المخاطب بالحجة . والمعنى أن الله - تعالى - ألهم آدم معرفة ذوات الأشياء التى خلقها فى الجنة ، ومعرفة أسمائها ومنافعها ، ثم عرض هذه المسميات على الملائكة . فقال لهم على سبيل التعجيز { أَنْبِئُونِي بِأَسْمَآءِ هَـٰؤُلاۤءِ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ } فيما اختلج فى خواطركم من أنى لا أخلق خلقاً إلا وأنتم أعلم منه وأفضل . قال ابن جرير " وفى هذه الآيات العبرة لمن اعتبر والذكرى لمن ذكر ، والبيان لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، عما أودع الله فى هذا القرآن من لطائف الحكم التى تعجز عن أوصافها الألسن ، وذلك أن الله - تعالى - احتج فيها لنبيه صلى الله عليه وسلم على من كان بين ظهرانيه من يهود بنى إسرائيل ، بإطلاعه إياه من علوم الغيب التى لم يكن - تعالى - أطلع عليها من خلقه إلا خاصا ، ولم يكن مدركا علمه إلا بالإِنباء والإِخبار ليقرر عندهم صدق نبوته ، ويعلموا أن ما أتاهم به إنما هو من عند الله " . ثم حكى - سبحانه - ما كان من الملائكة فقال { قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَآ إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَآ إِنَّكَ أَنْتَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ } . سبحان اسم مصدر بمعنى التسبيح أى التنزيه ، وهو منصوب بفعل مضمر لا يكاد يستعمل معه . وهذه الآية الكريمة واقعة موقع الجواب عن سؤال يخطر فى ذهن السامع للجملة السابقة ، إذ الشأن أن يقال عند سماعهم قوله - تعالى - { أَنْبِئُونِي بِأَسْمَآءِ هَـٰؤُلاۤءِ } ، ماذا كان من الملائكة ؟ هل أنبأوا بأسماء المسميات المعروضة عليهم ؟ فقال - تعالى - { قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَآ } إلخ الآية . ولو قال الملائكة لا علم لنا بأسماء هذه المسميات لكان جوابهم على قدر السؤال ، ولكنهم قصدوا الاعتراف بالعجز معرفة أسماء تلك المسميات المعروضة على أبلغ وجه فنفوا عن أنفسهم أن يعلموا شيئاً غير ما يعلمهم الله ، ودخل فى ضمن هذا النفى العام الاعتراف بالقصور عن معرفة الأسماء المسئول عنها . ومعنى { إِنَّكَ أَنْتَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ } أى أنت يا ربنا العليم بكل شىء ، الحكيم فى خلقك وأمرك وفى تعليمك ما تشاء ومنعك ما تشاء ، لك الحكمة فى ذلك ، والعدل التام . وقدم الوصف بالعلم على الوصف بالحكمة ، ليكون وصفه بالعلم متصلا بنفيهم عن أنفسهم فى قولهم { لاَ عِلْمَ لَنَآ إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَآ } . وبعد أن بين القرآن أن الملائكة قد اعترفوا بالعجز عن معرفة ما سئلوا عنه ، وجه - سبحانه - الخطاب إلى آدم ، يأمره فيه بأن يخبر الملائكة بالأسماء التى سئلوا عنها ، ولم يكونوا على علم بها ، فقال - تعالى - { قَالَ يَآءَادَمُ أَنبِئْهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّآ أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إِنِيۤ أَعْلَمُ غَيْبَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ } . ففى هذه الآية الكريمة أخبرنا الله - تعالى - أنه قد أذن لآدم فى أن يخبر الملائكة بالأسماء التى فاتتهم معرفتها ليظهر لهم فضل آدم ، ويزدادوا اطمئنانا إلى أن إسناد الخلافة إليه ، إنما هو تدبير قائم على حكمة بالغة . وعلم الغيب يختص به واجب الوجود - سبحانه لأنه هو الذى يعلم المغيبات بذاته ، وأما العلم بشىء من المغيبات الحاصل من تعليم الله فلا يقال لصاحبه إنه يعلم الغيب . وقوله - تعالى - { أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إِنِيۤ أَعْلَمُ … } إلخ الآية ، استحضار وتأكيد لمعنى قوله قبل ذلك ، { إِنِّيۤ أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } . وإعادة له على وجه من التفصيل أفاد أن علمه يشمل ما يظهرونه بأقوالهم أو أفعالهم ، وما يضمرونه فى أنفسهم . وفى قوله { أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ … } إلخ تعريض بمعاتبتهم على ترك الأولى ، حيث بادروا بالسؤال عن الحكمة ، وكان الأولى أن يأخذوا بالأدب المناسب لمقام الألوهية ، فيتركوا السؤال عنها إلى أن يستبين لهم أمرها بوجه من وجوه العلم . ومن الفوائد التى تؤخذ من هذه الآيات ، أن الله - تعالى - قد أظهر فيها فضل آدم - عليه السلام - من جهة أن علمه مستمد من تعليم الله له ، فإن إمداد الله له بالعلم يدل على أنه محاط منه برعاية ضافية ، ثم إن العلم الذى يحصل عن طريق النظر والفكر قد يعتريه الخلل ، ويحوم حوله الخطأ . فيقع صاحبه فى الإِفساد من حيث إنه يريد الإِصلاح ، بخلاف العلم الذى يتلقاه الإِنسان من تعليم الله ، فإنه علم مطابق للواقع قطعاً ، ولا يخشى من صاحبه أن يحيد عن سبيل الإِصلاح ، وصاحب هذا العلم هو الذى يصلح للخلافة فى الأرض ، ومن هنا ، كانت السياسة الشرعية أرشد من كل سياسة ، والأحكام النازلة من السماء أعدل من القوانين الناشئة فى الأرض . وبعد أن بين القرآن فى الآيات السابقة بعض الكرامات التى خص الله بها آدم ، انتقل إلى بيان كرامة أخرى أكرم الله بها آدم - عليه السلام - وهى أمره للملائكة بالسجود له ، ثم بيان ما حصل بينه وبين إبليس ، فقال - تعالى - { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمََ … أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } .