Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 18-18)
Tafsir: at-Tafsīr al-wasīṭ li-l-Qurʾān al-Karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
والاستفهام فى قوله { أَلَمْ تَرَ … } للتقرير . والرؤية هنا بمعنى العلم وذلك لأن سجود هذه الكائنات لله - تعالى - آمنا به عن طريق الإِخبار دون أن نرى كيفيته . والسجود فى اللغة التذلل والخضوع مع انخفاض بانحناء وما يشبهه . وخص فى الشرع بوضع الجبهة على الأرض بقصد العبادة . والمراد به هنا دخول الأشياء جميعها تحت قبضة الله - تعالى - وتسخيره وانقيادها لكل ما يريده منا انقيادا تاماً ، وخضوعها له - عز وجل - بكيفية هو الذى يعلمها . فنحن نؤمن بأن هذه الكائنات تسجد لله - تعالى - ونفوض كيفية هذا السجود له - تعالى - . والمعنى لقد علمت - أيها العاقل - أن الله - تعالى - يسجد له ، ويخضع لسلطانه جميع من فى السماوات وجميع من فى الأرض . وقوله { وَٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ وَٱلنُّجُومُ } عطف خاص على قوله { مَن فِي ٱلسَّمَاوَاتِ } . ونص - سبحانه - عليها مفرداً إياها بالذكر ، لشهرتها ، ولاستبعاد بعضهم حدوث السجود منها ، ولأ آخرين كانوا يعبدون هذه الكواكب ، فبين - سبحانه - أنها عابدة وساجدة لله ، وليست معبودة . وقوله - تعالى - { وَٱلْجِبَالُ وَٱلشَّجَرُ وَٱلدَّوَآبُّ } عطف خاص على { مَن فِي ٱلأَرْضِ } ونص - سبحانه - عليها - أيضاً - لأن بعضهم كان يعبدها ، أو يعبد ما يؤخذ منها كالأصنام . وقوله - تعالى - { وَكَثِيرٌ مِّنَ ٱلنَّاسِ } بيان الذين اهتدوا إلى طريق الحق . أى ويسجد له - كذلك - كثير من الناس ، وهم الذين خلصت عقولهم من شوائب الشرك والكفر ، وطهرت نفوهسم من الأدناس والأوهام . وقوله { وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ ٱلْعَذَابُ } بيان لحال الذين استحبوا العمى على الهدى . أى وكثير من الناس حق وثبت عليهم العذاب ، بسبب إصرارهم على الكفر ، وإيثارهم الغى على الرشد . ثم ختم - سبحانه - الآية الكريمة بما يدل على نفاذ قدرته ، وعموم مشيئته فقال { وَمَن يُهِنِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ ٱللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَآءُ } . و " من " شرطية ، وجوابها " فما له من مكرم " ومكرم اسم فاعل من أكرم . أى ومن يهنه الله ويخزه ، فما له من مكرم يكرمه ، أو منقذ ينقذه مما هو فيه من شقاء ، إن الله - تعالى - يفعل ما يشاء فعله بدون حسيب يحاسبه ، أو معقب يعقب على حكمه . قال - تعالى - { وَٱللَّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } ثم ساق - سبحانه - بعد ذلك صورة فيها ما فيها من وجوه المقارنات بين مصير الكافرين ومصير المؤمنين ، لكى ينحاز كل ذى عقل سليم إلى فريق الإِيمان لا الكفر ، فقال - تعالى - { هَـٰذَانِ خَصْمَانِ … } .