Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 55-59)

Tafsir: at-Tafsīr al-wasīṭ li-l-Qurʾān al-Karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال الجمل " لما ذكر - سبحانه - حال الكافرين أولا ، ثم حال المؤمنين ثانيا ، عاد إلى شرح حال الكافرين ، فهو رجوع لقوله { وَإِنَّ ٱلظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ } والمرية بالكسر والضم . لغتان مشهورتان . والضمير فى قوله { مِّنْهُ } يعود إلى القرآن الكريم ، أو إلى ما جاء به الرسول من عند ربه ، وقيل إلى ما ألقاه الشيطان . وقد رجح ابن جرير كونه للقرآن فقال وأولى الأقوال فى ذلك بالصواب قول من قال هى كناية من ذكر القرآن الذى أحكم الله آياته وذلك أن ذلك من ذكر قوله { وَلِيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ … } أقرب منه من ذكر قوله { فَيَنسَخُ ٱللَّهُ مَا يُلْقِي ٱلشَّيْطَانُ … } والمعنى ولا يزال الذين كفروا فى شك وريب مما أوحاه الله إليك من قرآن ، بسبب قسوة قلوبهم ، واستيلاء الجحود والعناد على نفوسهم . وسيستمرون على هذه الحال { حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ ٱلسَّاعَةُ } أى القيامة { بَغْتَةً } أى فجأة { أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ } أى لا مثل له فى هوله وشدة عذابه ولا يوم بعده ، إذ كل يوم يلد ما بعده عن الأيام إلا هذا اليوم وهو يوم القيامة فإنه لا يوم بعده . قال ابن كثير " وقوله { أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ } قال مجاهد قال أبى بن كعب هو يوم بدر . وكذا قال عكرمة وسعيد بن جبير وقتادة وغير واحد واختاره ابن جرير . وفى رواية عن عكرمة ومجاهد هو يوم القيامة لا ليلة له ، وكذا قال الضحاك والحسن . وهذا القول هو الصحيح ، وإن كان يوم بدر من جملة ما أوعدوا به ، لكن هذا هو المراد ، ولهذا قال { ٱلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ للَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ } كقوله { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } ثم بين - سبحانه - مظاهر قدرته ، وشمول قهره لغيره فقال { ٱلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ للَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ … } والتنوين فى قوله { يَوْمَئِذٍ } عوض عن جملة . أى السلطان القاهر ، والتصرف الكامل ، يوم تأتيهم الساعة بغتة ، أو يوم يأتيهم عذابها يكون لله - تعالى - وحده ، كما أن الحكم بين الناس جميعا يكون له وحده - سبحانه - { فَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ } الأعمال { ٱلصَّالِحَاتِ } يكونون فى هذا اليوم { فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ } { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآياتِنَا } التى جاءتهم بها رسلنا { فَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ } أى لهم عذاب ينالون بسببه ما ينالون من هوان وذل . { وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ } من ديارهم { فِي سَبِيلِ } إعلاء كلمة الله ونصرة دينه { ثُمَّ قُتِلُوۤاْ } أى قتلهم الكفار فى الجهاد { أَوْ مَاتُواْ } أى على فراشهم . هؤلاء وهؤلاء { لَيَرْزُقَنَّهُمُ ٱللَّهُ } - تعالى - بفضله وكرمه { رِزْقاً حَسَناً } يرضيهم ويسرهم يوم يلقونه . حيث يبوئهم جنته . قال - تعالى - { وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ … } وقال - سبحانه - { وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ ٱلْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلىَ ٱللَّهِ } وقوله - عز وجل - { وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ } تذييل قصد به بيان أن عطاءه - سبحانه - فوق كل عطاء ، لأنه يرزق من يشاء بغير حساب ، ويعطى من يشاء دون أن ينازعه منازع ، أو يعارضه معارض ، أو ينقص مما عنده شىء . وقوله - تعالى - { لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُّدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ … } استئناف مقرر لما قبله . و " مدخلا " أى إدخالا ، من أدخل يدخل - بضم الياء - وهو مصدر ميمى للفعل الذى قبله ، والمفعول محذوف . أى ليدخلنهم الجنة إدخالا يرضونه . وقرأ نافع مدخلا - بفتح الميم - على أنه اسم مكان أريد به الجنة ، أى ليدخلنهم مكانا يرضونه وهو الجنة . { وَإِنَّ ٱللَّهَ } - تعالى - { لَعَلِيمٌ } بالذى يرضيهم ، وبالذى يستحقه كل إنسان من خير أو شر { حَلِيمٌ } فلا يعاجل بالعقوبة ، بل يستر ويعفو عن كثير . ثم بشر - سبحانه - عباده الذين يقع عليهم العدوان بالنصر على من ظلمهم ، فقال - تعالى - { ذٰلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ … } .