Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 36-37)

Tafsir: at-Tafsīr al-wasīṭ li-l-Qurʾān al-Karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فى الكلام يفهم من السياق ، وتقتضيه بلاغة القرآن الكريم والتقدير وهيأت ملكة سبأ الهدية الثمينة لسليمان - عليه السلام - . وأرسلتها مع من اختارتهم من قومها لهذه المهمة ، فلما جاء سليمان أى فلما وصل الرسل إلى سليمان ومعهم هدية ملكتهم إليه . فلما رآها قال - على سبيل الإنكار والاستخفاف بتلك الهدية - { أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ } أى أتقدمون إلى هذا المال الزائل والمتمثل فى تلك الهدية لأكف عن دعوتكم إلى إتيانى وأنتم مخلصون العبادة لله - تعالى - وحده . وتاركون لعبادة غيره ؟ كلا لن ألتفت إلى هديتكم { فَمَآ آتَانِيَ ٱللَّهُ } من النبوة والملك الواسع { خَيْرٌ مِّمَّآ آتَاكُمْ } من أموال من جملتها تلك الهدية . فالجملة الكريمة تعليل لإِنكاره لهديتهم ، ولاستخفافه بها ، وسخريته منها . وقوله - سبحانه - { بَلْ أَنتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ } إضراب عما ذكره من إنكاره لتلك الهدية وتعليله لهذا الإِنكار ، إلى بيان ما هم عليه من ضيق فى التفكير ، حيث أوهموا أن هذه الهدية ، قد تفيد فى صرف سليمان عن دعوتهم إلى وحدانية الله - تعالى - ، وقد تحمله على تركهم وشأنهم . أى افهموا - أيها الرسل - وقولوا لمن أرسلكم بتلك الهدية إن سليمان ما آتاه الله من خير ، أفضل مما آتاكم ، وإنه يقول لكم جميعا انتفعوا أنتم بهديتكم وافرحوا بها ، لأنكم لا تفكرون إلا فى متع الحياة الدنيا ، أما أنا ففى غنى عن هداياكم ولا يهمنى إلا إيمانكم . ثم أتبع سليمان - عليه السلام - هذا الاستنكار بالتهديد فقال - كما حكى القرآن عنه - { ٱرْجِعْ إِلَيْهِمْ } . أى قال سليمان لمن أرسلته بلقيس بالهدية عد من حيث أتيت ومعك هديتك . { فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لاَّ قِبَلَ لَهُمْ بِهَا } أى فوالله لنأتينهم بجنود لا قدرة لهم على مقاومتهم ، ولا طاقة لهم على قتالهم . { وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَآ أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ } أى ووالله لنخرجن هذه الملكة وقومها من بلاد سبأ ، حالة كونهم أذلة ، وحالة كونهم مهزومين مقهورين ، بعد أن كانوا فى عزة وقوة . وعاد الرسل بهديتهم إلى الملكة ، دون أن يهتم القرآن بما جرى لهم بعد ذلك ، لأن القرآن لا يهتم إلى بالجوهر واللباب فيما يقصه من أحداث . ثم يحكى القرآن بعد ذلك ما طلبه سليمان - عليه السلام - من جنوده فيقول { قَالَ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ … } .