Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 35-35)

Tafsir: at-Tafsīr al-wasīṭ li-l-Qurʾān al-Karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ورد فى سبب نزول هذه الآية روايات منها ما أخرجه الإِمام أحمد والنسائى وغيرهما ، عن أم سلمة - رضى الله عنها - قالت قلت للنبى صلى الله عليه وسلم ما لنا لا نذكر فى القرآن كما يذكر الرجال ؟ قالت فلم يرعنى منه صلى الله عليه وسلم ذات يوم إلا نداؤه على المنبر ، وهو يتلو هذه الآية { إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَاتِ … } . وأخرج الترمذى وغيره عن أم عمارة الأنصارية أنها أتت النبى صلى الله عليه وسلم فقالت ما أرى كل شئ إلا للرجال ، وما أرى النساء يذكرون بشئ ، فنزلت هذه الآية . وأخرجه ابن جرير عن قتادة قال دخل نساء على أزواج النبى صلى الله عليه وسلم فقلن قد ذكركن الله - تعالى - فى القرآن ، وما يذكرنا بشئ أما فينا ما يذكر ، فأنزل الله - تعالى - هذه الآية . والمعنى { إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَاتِ } والإِسلام الانقياد لأمر الله - تعالى - وإسلام الوجه له - سبحانه - وتفويض الأمر إليه وحده . { وَٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ } والإِيمان هو التصديق القلبى ، والإِذعان الباطنى ، لما جاء به النبى صلى الله عليه وسلم . { وَٱلْقَانِتِينَ وَٱلْقَانِتَاتِ } والقنوت هو المواظبة على فعل الطاعات عن رضا واختيار . { وَٱلصَّادِقِينَ وَٱلصَّادِقَاتِ } والصدق والصدق هو النطق بما يطابق الواقع ، والبعد عن الكذب والقول الباطل … { وَٱلصَّابِرِينَ وَٱلصَّابِرَاتِ } والصبر هو توطين النفس على احتمال المكاره والمشاق فى سبيل الحق ، وحسب النفس عن الشهوات . { وَٱلْخَاشِعِينَ وَٱلْخَاشِعَاتِ } والخشوع صفة تجعل القلب والجوارح فى حالة انقياد تام لله - تعالى - ومراقبة له ، واستشعار لجلاله وهيبته . { وَٱلْمُتَصَدِّقِينَ وَٱلْمُتَصَدِّقَاتِ } والتصدق تقديم الخير إلى الغير بإخلاص ، دفعا لحاجته ، وعملا على عونه ومساعدته . { وٱلصَّائِمِينَ وٱلصَّائِمَاتِ } والصوم هو تقرب إلى الله - تعالى - واستعلاء على مطالب الحياة ولذائذها ، من أجل التقرب إليه - سبحانه - بما يرضيه . { وَٱلْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَٱلْحَافِـظَاتِ } وحفظ الفرج كناية عن التعفف والتطهر والتصون عن أن يضع الإِنسان شهوته فى غير الموضع الذى أحله الله - تعالى - . { وَٱلذَّاكِـرِينَ ٱللَّهَ كَثِيراً وَٱلذَّاكِرَاتِ } وذكر الله - تعالى - يتمثل فى النطق بما يرضيه كقراءة القرآن الكريم ، والإِكثار من تسبيحه - عز وجل - وتحميده وتكبيره … وفى شعور النفس فى كل لحظة بمراقبته - سبحانه - . هؤلاء الذين اصتفوا بهذه الصفات من الرجال والنساء { أَعَدَّ ٱللَّهُ } - تعالى - { لَهُم مَّغْفِرَةً } واسعة لذنوبهم { وَأَجْراً عَظِيماً } لا يعلم مقداره إلا هو - عز وجل - . وهكذا نجد القرآن الكريم يسوق الصفات الكريمة ، التى من شأن الرجل والمرأة إذا ما اتصفا بها ، أن يسعدا فى دنياهما وفى أخراهما ، وأن يسعد بهما المجتمع الذى يعيشان فيه … إنها صفات نظمت علاقة الإِنسان بربه ، وبنفسه ، وبغيره ، تنظيما حكيما ، يهدى الى الرشد ، ويوصل إلى الظفر والنجاح . ثم انتقلت السورة الكريمة إلى الحديث عن الحقوق الواجبة على المسلم نحو خالقه - عز وجل - ونحو رسوله صلى الله عليه وسلم ، وعن تأكيد إبطال عادة التبنى التى كانت منتشرة قبل نزول هذه السورة ، وعن بيان الحكمة لهذا الإِبطال ، وعن علاقة الرسول صلى الله عليه وسلم بغيره من أتباعه … فقال - تعالى - { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ … بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً } .