Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 30-34)

Tafsir: at-Tafsīr al-wasīṭ li-l-Qurʾān al-Karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فقوله - سبحانه - { يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا ٱلْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ … } نداء من الله تعالى - لهن . على سبيل الوعظ والارشاد والتأديب ، والعناية بشأنهن لأنهن القدوة لغيرهن ، والفاحشة ما قبح من الأقوال والأفعال . والمعنى يا نساء النبى صلى الله عليه وسلم من يأت منكن بمعصية ظاهرة القبح ، يضاعف الله - تعالى - لها العقاب ضعفين ، لأن المعصية من رفيع الشأن تكون أشد قبحا ، وأعظم جرما . قال صاحب الكشاف وإنما ضوعف عذابهن ، لأن ما قبح من سائر النساء ، كان أقبح منهن وأقبح ، لأن زيادة قبح المعصية ، تتبع زيادة الفضل والمرتبة … وليس لأحد من النساء ، مثل فضل نساء النبى صلى الله عليه وسلم ولا على أحد منهن مثل ما لله عليهن من النعمة … ولذلك كان ذم العقلاء للعاصى العالم أشد منه للعاصى الجاهل ، لأن المعصية من العالم أقبح . وقد روى عن زين العابدين بن على بن الحسين - رضى الله عنهم - أنه قال له رجل إنكم أهل بيت مغفور لكم ، فغضب ، وقال نحن أحرى أن يجرى فينا ، ما أجرى الله - تعالى - على نساء نبيه صلى الله عليه وسلم من أن لمسيئنا ضعفين من العذاب ، ولمحسننا ضعفين من الأجر . وقوله - سبحانه - { مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ … } جملة شرطية . والجملة الشرطية لا تقتضى وقوع الشرط ، كما فى قوله - تعالى - { وَلَقَدْ أُوْحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ … } وكما فى قوله - سبحانه - { وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } ثم ختم - سبحانه - الآية الكريمة ببيان أن منزلتهن - رضى الله عنهن - لا تمنع من وقوع العذاب بهن فى حالة ارتكابهن لما نهى الله - تعالى - عنه ، فقال { وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً } أى وكان ذلك التضعيف للعذاب لهن ، يسيرا وهينا على الله ، لأنه - سبحانه - لا يصعب عليه شئ . هذا هوالجزاء فى حالة ارتكابهن - على سبيل الفرض - لما نهى الله - تعالى - عنه ، أما فى حالة طاعتهن ، فقد بين - سبحانه - جزاءهن بقوله { وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ للَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَـآ أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً } . والقنوت ملازمة الطاعة لله - تعالى - ، والخضوع والخشوع لذاته . أى ومن يقنت منكن - يا نساء النبى - لله - تعالى - ، ويلازم طاعته ، ويحرص على مرضاة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وتعمل عملا صالحا . من يفعل ذلك منكن ، نؤتها أجرها الذى تستحقه مضاعفا ، فضلا منا وكرما ، { وَأَعْتَدْنَا لَهَا } أى وهيأنا لها زيادة على ذلك { رِزْقاً كَرِيماً } لا يعلم مقداره إلا الله - تعالى - . وهكذا نرى أن الله - تعالى - قد ميز أمهات المؤمنين ، فجعل حسنتهن كحسنتين لغيرهن ، كما جعل سيئتهن بمقدار سيئتين لغيرهن - أيضا - وذلك لعظم مكانتهن ، ومشاهدتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم مالا يشاهد غيرهن ، من سلوك كريم ، وتوجيه حكيم . ثم وجه - سبحانه - إليهن نداء ثانيا فقال { يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ إِنِ ٱتَّقَيْتُنَّ } . أى يا نساء النبى ، لقد أعطاكن الله - تعالى - من الفضل من سمو المنزلة ما لم يعط غيركن ، فأنتن فى مكان القدوة لسائر النساء ، وهذا الفضل كائن لكن إن اتقيتن الله - تعالى - وصنتن أنفسكن عن كل ما نهاكن - سبحانه - عنه . قال صاحب الكشاف أحد فى الأصل بمعنى وحد ، وهو الواحد ، ثم وضع فى النفى العام مستويا فيه المذكر والمؤنث والواحد وما وراءه . ومعنى قوله { لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ } لستن كجماعة واحدة من جماعات النساء . أى إذا استقصيت أمة النساء جماعة جماعة ، لم توجد منهن جماعة واحدة تساويكن فى الفضل والسابقة . وجواب الشرط فى قوله { إِنِ ٱتَّقَيْتُنَّ } محذوف لدلالة ما قبله عليه . أى إن اتقيتن فلستن كأحد من النساء . قال الآلوسى قوله { إِنِ ٱتَّقَيْتُنَّ } شرط لنفى المثلية وفضلهن على النساء ، وجوابه محذوف دل عليه المذكور … والمفعول محذوف . أى إن اتقيتن مخالفة حكم الله - تعالى - ورضا رسوله صلى الله عليه وسلم والمراد إن دمتن على اتقاء ذلك . والمراد به التهييج بجعل طلب الدنيا والميل إلى ما تميل إليه النساء لبعده من مقامهن ، بمنزلة الخروج من التقوى . فالمقصود بالجملة الكريمة بيان أن ما وصلن إليه من منزلة كريمة ، هو بفضل تقواهن وخشيتهن لله - تعالى - وليس بفضل شئ آخر . ثم نهاهن - سبحانه - عن النطق بالكلام الذى يطمع فيهن من فى قلبه نفاق وفجور فقال { فَلاَ تَخْضَعْنَ بِٱلْقَوْلِ فَيَطْمَعَ ٱلَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ } . أى فلا ترققن الكلام ، ولا تنطقن به بطريقة لينة متكسرة تثير شهرة الرجال ، وتجعل مريض القلب يطمع فى النطق بالسوء معكن فإن من محاسن خصال المرأة أن تنزه خطابها عن ذلك ، لغير زوجها من الرجال . وهكذا يحذر الله - تعالى - أمهات المؤمنين - وهن الطاهرات المطهرات - عن الخضوع بالقول ، حتى يكون فى ذلك عبرة وعظة لغيرهن فى كل زمان ومكان فإن مخاطبة المرأة - لغير زوجها من الرجال - بطريقة لينة مثيرة للشهوات والغرائز ، تؤدى إلى فساد كبير ، وتطمع من لا خلاق لهم فيها . ثم أرشدهن - سبحانه - إلى القول الذى يرضيه فقال { وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً } . أى اتركن الكلام بطريقة تطمع الذى فى قلبه مرض فيكن ، وقلن قولا حسنا محمودا . وانطقن به بطريقة طبيعية ، بعيدة عن كل ريبة أو انحراف عن الحق والخلق الكريم . ثم أمرهن - سبحانه - بعد ذلك بالاستقرار فى بيوتهن ، وعدم الخروج منها إلا لحاجة شرعية فقال { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ } . قال القرطبى ما ملخصه قوله { وَقَرْنَ } قرأه الجمهور - بكسر القاف - من القرار تقول قَرَرْتُ بالمكان - بفتح الراء أقِر - بكسر القاف - إذا نزلت فيه - والأصل - اقررن - بكسر الراء - فحذفت الراء الأولى تخفيفا … ونقلوا حركاتها إلى القاف ، واستغنى عن ألف الوصل لتحرك القاف … فصارت الكلمة " قِرن " - بكسر القاف - . وقرأ عاصم ونافع { وقَرْن } - بفتح القاف - من قررت فى المكان - بكسر الراء - إذا أقمت فيه … والأصل اقْرَرْن - بفتح الراء - فحذفت الراء الأولى لثقل التضعيف ، وألقيت حركتها على القاف … فتقول { قَرن } - بالفتح - للقاف - . والمعنى الْزَمْنَ يا نساء النبى صلى الله عليه وسلم بيوتكن ، ولا تخرجن منها إلا لحاجة مشروعة ، ومثلهن فى ذلك جميع النساء المسلمات ، لأن الخطاب لهن فى مثل هذه الأمور ، هو خطاب لغيرهن من النساء المؤمنات من باب أولى ، وإنما خاطب - سبحانه - أمهات المؤمنين على سبيل التشريف ، واقتداء غيرهن بهن . قال بعض العلماء والحكمة فى هذا الأمر أن ينصرفن إلى رعاية شئون بيوتهن ، وتوفير وسائل الحياة المنزلية التى هى من خصائصهن ، ولا يحسنها الرجال ، وإلى تربية الأولاد فى عهد الطفوة وهى من شأنهن . وقد جرت السنة الإِلهية بأن أمر الزوجين قسمة بينهما ، فللرجل أعمال من خصائصهم لا يحسنها النساء ، وللنساء أعمال خصائصهن لا يحسنها الرجال ، فإذا تعدى أحد الفريقين عمله ، اختل النظام فى البيت والمعيشة . وقال صاحب الظلال ما ملخصه والبيت هو مثابة المرأة التى تجد فيها نفسها على حقيقتها كما أرادها الله - تعالى - ولكى يهيئ الإِسلام للبيت جوه السليم ، ويهيئ للفراخ الناشئة فيه رعايتها ، أوجب على الرجل النفقة ، وجعلها فريضة ، كى يتاح للأم من الجهد ومن الوقت ومن هدوء البال ، ما شترف به على هذه الفراخ الزغب ، وما تهيئ به للمثابة نظامها وعطرها وبشاشتها . فالأم المكدودة بالعمل وبمقتضياته وبمواعيده … لا يمكن أن تهيئ للبيت جوه وعطره ، ولا يمكن أن تهيئ للطفولة النابتة فيه حقها ورعايتها . إن خروج المرأة للعمل كارثة على البيت قد تبيحها الضرورة ، أما أن يتطوع بها الناس وهم قادرون على اجتنابها ، فتلك هى اللعنة التى تصيب الأرواح والضمائر والعقول ، فى عصور الانتكاس والشرور والضلال . وهذه الجملة الكريمة ليس المقصود بها ملازمة البيوت فلا يبرحنها إطلاق وإنما المقصود بها أن يكون البيت هو الأصل فى حياتهن ، ولا يخرجن إلا لحاجة مشروعة ، كأداء الصلاة فى المسجد ، وكأداء فريضة الحج وكزيارة الوالدين والآقارب ، وكقضاء مصالحهن التى لا تقضى إلا بهن . . بشرط أن يكون خروجهن مصوحبا بالتستر والاحتشام وعدم التبذل . ولذا قال - سبحانه - بعد هذا الأمر ، { وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ ٱلأُولَىٰ } . وقوله { تَبَرَّجْنَ } مأخوذ من البَرَج - بفتح الباء والراء - وهو سعة العين وحسنها ، ومنه قولهم سفينة برجاء ، أى متسعة ولا غطاء عليها . والمراد به هنا إظهار ما ينبغى ستره من جسد المرأة ، مع التكلف والتصنع فى ذلك . والجاهلية الأولى ، بمعنى المتقدمة ، إذ يقال لكل متقدم ومتقدمة أول وأولى . أو المراد بها الجاهلية الجهلاء التى كانت ترتكب فيها الفواحش بدون تحرج . وقد فسروها بتفسيرات متعددة ، منها قول مجاهد كانت المرأة تخرج فتمشى بين يدى الرجال ، فذلك تبرج الجاهلية . ومنها قول قتادة كانت المرأة فى الجاهلية تمشى مشية فيها تكسر . ومنها قول مقاتل والتبرج أنها تلقى الخمار على رأسها ، ولا تشده فيوارى قلائدها وعنقها . ويبدو لنا أن التبرج المنهى عنه فى الآية الكريمة ، يشمل كل ذلك ، كما يشمل كل فعل تفعله المرأة ، ويكون هذا الفعل متنافيا مع آداب الإِسلام وتشريعاته . والمعنى الزمن يا نساء النبى بيوتكن ، فلا تخرجن إلا لحاجة مشروعة ، وإذا خرجتن فاخرجن فى لباس الحشمة والوقار ، ولا تبدى إحداكن شيئا أمرها الله - تعالى - بستره وإخفائه ، واحذرن التشبيه بنساء أهل الجاهلية الأولى ، حيث كن يفعلن ما يثير شهوة الرجال ، ويلفت أنظارهم اليهن . ثم أتبع - سبحانه - هذا النهى بما يجعلهن على صلة طيبة بخالقهن - عز وجل - فقال { وَأَقِمْنَ ٱلصَّلاَةَ } أى داومن على إقامتها فى أوقاتها بخشوع وإخلاص . { وَآتِينَ ٱلزَّكَـاةَ } التى فرضها الله - تعالى - عليكن . وخص - سبحانه - هاتين الفريضتين بالذكر من بين سائر الفرائض ، لأنهما أساس العبادات البدنية والمالية . { وَأَطِعْنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } أى فى كل ما تأتين وتتركن ، لا سيما فيما أمرتن به ، ونهيتين عنه . وقوله { إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ ٱلرِّجْسَ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيـراً } تعليل لما أمرن به من طاعات ، ولما نهين عنه من سيئات . والرجس فى الأصل يطلق على كل شئ مستقذر . وأريد به هنا الذنوب والآثام وما يشبه ذلك من النقائص والأدناس . وقوله { أَهْلَ ٱلْبَيْتِ } منصوب على النداء ، أو على المدح . ويدخل فى أهل البيت هنا دخولا أوليا نساؤه صلى الله عليه وسلم بقرينة سياق الآيات . أى إنما يريده الله - تعالى - بتلك الأوامر التى أمركن بها ، وبتلك النواهى التى نهاكن عنها ، أن يذهب عنكن الآثام والذنوب والنقائص ، وأن يطهركن من كل ذلك تطهيرا تاما كاملا . قال الإِمام ابن كثير ما ملخصه قوله { إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ ٱلرِّجْسَ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ … } هذا نص فى دخول أزواج النبى صلى الله عليه وسلم فى أهل البيت ها هنا ، لأنهن سبب نزول هذه الآية . . وقد وردت أحاديث تدل على أن المراد أعم من ذلك ، فقد روى الإِمام أحمد بسنده - عن أنس بن مالك قال " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمر بباب فاطمة ستة أشهر إذا خرج إلى صلاة الفجر ، يقول الصلاة يا أهل البيت ثم يتلو هذه الآية … " . وقال بعض العلماء والتحقيق - إن شاء الله - أنهن داخلات فى الآية ، بدليل السياق ، وإن كانت الآية تتناول غيرهن من أهل البيت … ونظير ذلك من دخول الزوجات فى اسم أهل البيت ، قوله - تعالى - فى زوجة إبراهيم { قَالُوۤاْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ رَحْمَةُ ٱللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ } وأما الدليل على دخول غيرهن فى الآية ، فهو أحاديث جاءت " عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال فى على وفاطمة والحسن والحسين - رضى الله عنهم - " إنهم أهل البيت " ودعا الله أن يذهب عنهم الرجس ويطهرهم تطهيرا " . وبما ذكرنا تعلم أن الصواب شمول الآية الكريمة لأزواج النبى صلى الله عليه وسلم ولعلى وفاطمة والحسن والحسين . فإن قيل الضمير فى قوله { لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ ٱلرِّجْسَ } وفى قوله { وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيـراً } ضمير الذكور ، فلو كان المراد أزواج النبى صلى الله عليه وسلم لقيل ليذهب عنكن ويطهركن ؟ فالجواب ما ذكرناه من أن الآية تشملهن وتشمل فاطمة وعلى والحسن والحسين ، وقد أجمع أهل اللسان العربى على تغليب الذكور على الإِناث فى الجموع ونحوها … ومن أساليب اللغة العربية التى نزل بها القرآن ، أن زوجة الرجل يطلق عليها أهل ، وباعتبار لفظ الأهل تخاطب مخاطبة الجمع المذكر ، ومنه قوله - تعالى - فى موسى { فَقَالَ لأَهْلِهِ ٱمْكُثُوۤاْ } وقوله { سَآتِيكُمْ } والمخاطب امرأته كما قال غير واحد … وقال بعض أهل العلم إن أهل البيت فى الآية هم من تحرم عليهم الصدقة . ثم ختم - سبحانه - هذه التوجيهات الحكيمة بقوله - عز وجل - { وَٱذْكُـرْنَ مَا يُتْـلَىٰ فِي بُيُوتِكُـنَّ مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ وَٱلْحِكْـمَةِ … } . أى واذكرن فى أنفسكن ذكرا متصلا ، وذَكِّرْن غيركن على سبيل الإِرشاد ، بما يتلى فى بيوتكن من آيات الله البينات الجامعة بين كونها معجزات دالة على صدق النبى صلى الله عليه وسلم ، وبين كونها مشتملة على فنون الحكم والآداب والمواعظ … ويصح أن يكون المراد بالآيات القرآن الكريم ، وبالحكمة أقوال النبى صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته … وفى الآية الكريمة إشارة إلى أنهن - وقد خصهن الله - تعالى - بجعل بيوتهن موطنا لنزول القرآن ، ولنزول الحكمة - أحق بهذا التذكير ، وبالعمل الصالح من غيرهن . { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً } أى لا يخفى عليه شئ من أحوالكم ، وقد أنزل عليكم ما فيه صلاح أموركم فى الدنيا والآخرة . وبعد هذه التوجيهات الحكيمة لأمهات المؤمنين ، ساق - سبحانه - توجيها جامعا لأمهات الفضائل ، وبشر المتصفين بهذه الفضائل بالمغفرة والأجر العظيم فقال - تعالى - { إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَاتِ } .