Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 51, Ayat: 47-51)
Tafsir: at-Tafsīr al-wasīṭ li-l-Qurʾān al-Karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ولفظ { ٱلسَّمَآءَ … } منصوب على الاشتغال . أى وبنينا السماء بنيناها { بِأَييْدٍ } أى بقوة وقدرة . يقال آد الرجل يئيد - كباع - إذا اشتد وقوى . { وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ } أى وإنا لقادرون على توسعتها بتلك الصورة العجيبة من الوسع بمعنى القدرة والطاقة ، يقال أوسع الرجل ، أى صار ذا سعة ، والمفعول محذوف ، أى وإنا لموسعون السماء ، أو الأرزاق . فالجملة تصوير بديع لمظاهر قدرة الله ، وكمال قوته ، وواسع فضله . { وَٱلأَرْضَ فَرَشْنَاهَا } أى وفرشنا الأرض بقدرتنا - أيضا - ، بأن مهدناها وبسطناها وجعلناها صالحة لمنفعتكم وراحتكم . { فَنِعْمَ ٱلْمَاهِدُونَ } نحن ، يقال مهدت الفراش ، إذا بسطته ووطأته وحسنته . وفى هاتين الآيتين ما فيهما من الدلالة على قدرة الله - تعالى - ورحمته بعباده ، حيث أوجد هذه السماء الواسعة التى تعتبر الأرض بما فيها كحلقة فى فلاة بالنسبة لها ، فهى تحوى مئات الملايين من النجوم المتناثرة فى أرجائها … وأوجد - سبحانه - الأرض لتكون موطنا للإِنسان ، ومنزلا لراحته . ثم قال - تعالى - { وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ } أى نوعين متقابلين كالذكر والأنثى . والليل والنهار ، والسماء والأرض ، والغنى والفقر ، والهدى والضلال . { لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } أى فعلنا ذلك لعلكم تعتبرون وتتعظون وتتذكرون ما يجب عليكم نحونا من الشكر والطاعة وإخلاص العبادة لنا وحدنا . والفاء فى قوله { فَفِرُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ … } للتفريع على قوله - تعالى - { لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } ، أى ما دام الأمر كما ذكرت لكم من وجود التذكر والاعتبار ، ففروا إلى الله من معصيته إلى طاعته ، ومن كفره إلى شكره ، ومن السيئات إلى الحسنات . قال الإِمام الرازى ما ملخصه وفى هذا التعبير لطائف لأنه ينبىء عن سرعة الإِهلاك ، كأنه يقول الاهلاك والعذاب أسرع وأقرب ، من أن يحتمل الحال الإِبطاء فى الرجوع . فافزعوا سريعا إلى الله - تعالى - وفروا إلى طاعته ، فإنه لا مهرب منه . وقوله { إِنِّي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } تعليل للأمر بالفرار ، أى أسرعوا إلى طاعة الله - تعالى - إنى لكم من عقابه المعد لمن يصر على معصيته نذير بَيّن الإِنذار . ثم أكد - سبحانه - هذا الإِنذار ، ونهى عن التقاعس فقال { وَلاَ تَجْعَلُواْ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ } أى واحذروا أن تجعلوا مع الله - تعالى - إلها آخر ، فى العبادة أو الطاعة { إِنِّي لَكُمْ مِّنْهُ } - سبحانه - { نَذِيرٌ مُّبِينٌ } . فالآية الأولى كان التعليل فيها للأمر بالفرار إلى الله - تعالى - والثانية كان التعليل فيها للنهى عن الإِشراك به - سبحانه - . وبذلك ترى أن هذه الآيات الكريمة ، قد بينت جانبا من الدلائل على قدرة الله - تعالى - وأمرت الناس بإخلاص العبادة لله ، ونهت عن الإِشراك به . ثم ختم - سبحانه - السورة الكريمة ، ببيان مواقف الأقوام من رسلهم ، وببيان الوظيفة التى أوجد الله - تعالى - الناس من أجلها فقال { كَذَلِكَ مَآ … } .