Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 141-144)

Tafsir: at-Tafsīr al-wasīṭ li-l-Qurʾān al-Karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله - تعالى - { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ } . أنشأ أى أوجد وخلق . والجنات البساتين والكروم الملتفة الأشجار . ومعروشات أصل العرش فى اللغة شىء مسقف يجعل عليه الكرم وجمعه عروش ، يقال عرشت الكرم أعرشه عرشاً من بابى - ضرب ونصر - ، وعرشته تعريشاً إذا جعلته كهيئة السقف . فالمادة تدل على الرفع ومنها عرش الملك . قال ابن عباس المعروشات . ما انبسط على الأرض وانبسط من الزروع مما يحتاج إلى أن يتخذ له عريش يحمل عليه ، كالكرم والبطيخ والقرع ونحو ذلك . وغير المعروشات ما قام على ساق واستغنى باستوائه وقوة ساقه عن التعريش كالنخل والشجر . وقيل المعروشات وغير المعروشات كلاهما فى الكرم خاصة ، لأن منه ما يعرش ومنه ما لا يعرش بل يبقى على وجه الأرض منبسطا . وقيل المعروشات ما غرسه الناس فى البساتين واهتموا به فعرشوه من كرم أو غيره ، وغير المعروشات . هو ما أنبته الله فى البرارى والجبال من كرم وشجر . أى وهو - سبحانه - الذى أوجد لكم هذه البساتين المختلفة التى منها المرفوعات عن الأرض ، ومنها غير المرفوعات عنها ، فخصوه وحده بالعبادة والخضوع . وقوله { وَٱلنَّخْلَ وَٱلزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ } عطف على جنات ، أى أنشأ جنات ، وأنشأ النخل والزرع ، والمراد بالزرع جميع الحبوب التى يقتات بها . وإنما أفردها مع أنهما داخلان فى الجنات لما فيهما من الفضيلة على سائر ما ينبت فى الجنات . و { مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ } أى ، ثمره وحبه فى اللون والطعم والحجم والرائحة . والضمير فى أكله راجع إلى كل واحد منهما ، أى النخل والزرع والمراد بالأكل المأكول أى ، مختلف المأكول فى كل منهما فى الهيئة والطعم . قال الجمل وجملة . { مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ } حال مقدرة ، لأن النخل والزرع وقت خروجه لا أكل منه حتى يكون مختلفا أو متفقا ، فهو مثل قولهم مررت برجل معه صقر صائداً له غدا . وقوله { وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ } أى وأنشأ الزيتون والرمان متشابها فى المنظر وغير متشابه فى الطعم أو متشابها بعض أفرادها فى اللون أو الطعم أو الهيئة " وغير متشابه فى بعضها " . قال القرطبى وفيه أدلة ثلاثة . أحدها ما تقدم من قيام الدليل على أن المتغيرات لا بد لها من مغير . الثانى على المنة منه - سبحانه - علينا ، فلو شاء إذ خلقنا ألا يخلق لنا غذاء ، وإذا خلقه ألا يكون جميل المنظر طيب الطعم ، وإذ خلقه كذلك ألا يكون سهل الجنى ، فلم يكن عليه أن يفعل ذلك ابتداء ، لأنه لا يجب عليه شىء . الثالث على القدرة فى أن يكون الماء الذى من شأنه الرسوب يصعد بقدرة الله الواحد علام الغيوب من أسافل الشجرة إلى أعاليها ، حتى إذا انتهى إلى آخرها نشأت فيها أوراق ليست من جنسها ، وثمر خارج من صفته الجرم الوافر ، واللون الزاهر ، والجنى الجديد ، والطعم اللذيذ ، فأين الطبائع وأجناسها وأي الفلاسفة وأسسها ، هل هى فى قدرة الطبيعة أن تتقن هذا الإِتقان أو ترتب هذا الترتيب العجيب . كلا ، لا يتم ذلك فى العقول إلا لحى قادر عالم مريد ، فسبحان من له فى كل شىء آية ونهاية . ووجه اتصال هذا بما قبله أن الكفار لما افتروا على الله الكذب . وأشركوا معه وحللوا وحرموا دلهم على وحدانيته بأنه خالق الأشياء ، وأنه جعل هذه الأشياء أرزاقا لهم . ثم ذكر - سبحانه - المقصود من خلق هذه الأشياء فقال { كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ } أى كلوا من ثمر تلك الزروع والأشجار التى أنشأناها لكم ، شاكرين الله على ذلك . والأمر للإِباحة . وفائدة التقييد بقوله { إِذَآ أَثْمَرَ } إباحة الأكل قبل النضوج والإِدراك . وقيل فائدته الترخيص للمالك فى الأكل من قبل أداء حق الله - تعالى - لأنه لما أوجب الحق فيه ربما يتبادر إلى الأذهان أنه يحرم على المالك تناول شىء منه لمكان شركة المساكين له فيه ، فأباح الله له هذا الأكل . ثم أمرهم - سبحانه - بأداء حقوق الفقراء والمحتاجين مما رزقهم فقال { وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ } أى ، كلوا من ثمر ما أنشأنا لكم ، وأدوا حق الله فيه للفقراء والمحتاجين يوم حصاده . ويرى بعض العلماء أن المراد بهذا الحق الصدقة بوجه عام على المستحقين لها ، بأن يوزع صاحب الزرع منه عند حصاده على المساكين والبائسين ما يسد حاجتهم بدون إسراف أو تقتير . وأصحاب هذا الرأى فسروا هذا الحق بالصدقة الواجبة من غير تحديد للمقدار وليس بالزكاة المفروضة لأن الآية مكية والزكاة إنما فرضت بالمدينة . وهم يرون أن هذا الحق لم ينسخ بالزكاة المفروضة ، بل على صاحب الزرع أن يطعم منه المحتاجين عند حصاده . ويرى بعض آخر من العلماء أن المراد بهذا الحق ما فصلته السنة النبوية من الزكاة المفروضة وهذه الآية مدنية وإن كانت السورة مكية . ويبدو لنا أن الرأى الأول أرجح ، لأنه لا دليل على أن هذه الآية مدنية ولأن فرضية الزكاة لا تمنع إعطاء الصدقات ، وفى الأمر بإيتاء هذا الحق يوم الحصاد ، مبالغة فى العزم على المبادرة إليه . والمعنى اعزموا على إيتاء هذا الحق واقصدوه ، واهتموا به يوم الحصاد حتى لا تؤخروه عن أول وقت يمكن فيه الإِيتاء . وقيل إنما ذكر وقت الحصاد تخفيفاً على أصحاب الزروع حتى لا يحسب عليهم ما أكل قبله . ثم ختمت الآية بالنهى عن الإِسراف فقالت ، { وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ } . أى لا تسرفوا فى أكلكم قبل الحصاد ولا فى صدقاتكم ولا فى أى شأن من شئونكم ، لأنه - سبحانه - لا يحب المسرفين . وقال ابن جريج ، نزلت فى ثابت بن قيس ، قطع نخلا له فقال . لا يأتينى اليوم أحد إلا أطعمته ، فأطعم حتى أمسى وليست له ثمرة ، فنزلت هذه الآية . وقال عطاء ، نهوا عن السرف فى كل شىء . وقال إياس بن معاوية ، ما جاوزت به أمر الله هو سرف . ثم بين - سبحانه - حال الأنعام ، وأبطل ما تقولوه عليه فى شأنها بالتحريم والتحليل فقال { وَمِنَ ٱلأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً } . الحمولة ، هى الأنعام الكبار الصالحة للحمل . والفرش هى صغارها الدانية من الأرض ، مثل الفرش المفروش عليها . وقيل الحمولة كل ما حمل عليه من إبل وبقر وبغل وحمار . والفرش ما اتخذ من صوفه ووبره وشعره ما يفرش . أى وأنشأ لكم - سبحانه - من الأنعام حمولة وهى ما تحمولن عليه أثقالكم ، كما أنشأ لكم منها فرشا وهى صغارها التى تفرش للذبائح من الضأن والمعز والإِبل والبقر . والجملة معطوفة على جنات ، والجهة الجامعة بينهما إباحة الانتفاع بهما . وقوله { كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } . أى كلوا مما رزقكم الله من هذه الثمار والزروع والأنعام وغيرها ، وانتفعوا منها بسائر أنواع الانتفاع المشروعة ، ولا تتبعوا وساوس الشيطان وطرقه فى التحريم والتحليل كما أتبعها أهل الجاهلية ، إذ حرموا ما رزقهم الله افتراء عليه ، إن الشيطان عداوته ، ظاهرة واضحة لكم ، فهو يمنعكم مما يحفظ روحكم ، ويطهر قلوبكم ، فالجملة الكريمة { إِنَّهُ لَكُمْ } تعليل للنهى عن اتباع خطوات الشيطان . ثم بين القرآن بعد ذلك بعض ما كان عليه الجاهليون من جهالات ، وناقشهم فيما أحلوه وحرموه مناقشة منطقية حكيمة فقال { ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مَّنَ ٱلضَّأْنِ ٱثْنَيْنِ وَمِنَ ٱلْمَعْزِ ٱثْنَيْنِ } . وقوله - سبحانه - { ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ } بدل من { حَمُولَةً وَفَرْشاً } بناء على كونهما قسمين لجميع الأنعام على الراجح ، وقيل أن لفظ ثمانية منصوب بفعل مضمر أى وأنشأ لكم ثمانية أزواج ، أو هو مفعول به لفعل { كُلُواْ } وقوله { وَلاَ تَتَّبِعُواْ } … الخ معترض بينهما . والزوج يطلق على المفرد إذا كان معه آخر من جنسه يزاوجه ويحصل منهما النسل ، وكذا يطلق على الاثنين فهو مشترك والمراد هنا الاطلاق الأول . والمعنى ثمانية أصناف خلقها الله لكم ، لتنتفعوا بها أكلا وركوبا وحملا وحلباً وغير ذلك . ثم فصل الله - تعالى - هذه الأزواج الثمانية فقال { مَّنَ ٱلضَّأْنِ ٱثْنَيْنِ } أى . من الضأن زوجين اثنين هما الكبش والنعجة ، { وَمِنَ ٱلْمَعْزِ ٱثْنَيْنِ } أى . ومن المعز زوجين اثنين هما التيس والعنز . ثم أمر الله - تعالى - نبيه صلى الله عليه وسلم أن يبكتهم على جهلهم فقال { قُلْ ءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ ٱلأُنثَيَيْنِ أَمَّا ٱشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ ٱلأُنثَيَيْنِ } . أى قل لهم يا محمد على سبيل التوبيخ وإلزامهم الحجة أحرم الله الذكرين وحدهما من الضأن والمعز أم الأنثيين وحدهما ، أم الأجنة التى اشتملت عليها أرحام إناث الزوجين كليهما سواء أكانت تلك الأجنة ذكوراً أم إناثا ؟ وقوله { نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } أى أخبرونى بأمر معلوم من جهته - تعالى - جاءت به الأنبياء ، يدل على أنه - سبحانه - قد حرم شيئاً مما حرمتموه إن كنتم صادقين فى دعوى التحريم . والأمر هنا للتعجيز لأنهم لا دليل عندهم من العقل أو النقل على صحة تحريمهم لبعض الأنعام دون بعض . وقوله - تعالى - { وَمِنَ ٱلإِبْلِ ٱثْنَيْنِ } عطف على قوله { مَّنَ ٱلضَّأْنِ ٱثْنَيْنِ } أى وأنشأ لكم من الإبل اثنين هما الجمل والناقة { وَمِنَ ٱلْبَقَرِ ٱثْنَيْنِ } هما الثور وأنثاه البقرة . { قُلْ } إفحاما فى أمر هذين النوعين أيضاً { ءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ } الله - تعالى منهما ، { أَمِ ٱلأُنْثَيَيْنِ أَمَّا ٱشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ ٱلأُنْثَيَيْنِ } من ذينك النوعين ؟ قال الآلوسى والمعنى - كما قال كثير من أجلة العلماء إنكار ان الله - تعالى - حرم عليهم شيئا من هذه الأنواع الأربعة ، وإظهار كذبهم فى ذلك وتفصيل ما ذكر من الذكور والإِناث وما فى بطونها للمبالغة فى الرد عليهم بإيراد الإِنكار على كل مادة من مواد افترائهم ، فإنهم كانوا يحرمون ذكور الأنعام تارة ، وإناثها تارة . وأولادها كيفما كانت تارة أخرى ، مسندين ذلك كله إلى الله - سبحانه - . ثم قال وإنما لم يل المنكر - وهو التحريم - الهمزة ، والجارى فى الاستعمال أن ما نكر وليها لأن ما فى النظم الكريم أبلغ . وبيانه - على ما قاله السكاكى - أن إثبات التحريم يستلزم إثبات محله لا محالة ، فإذا انتفى محله وهو الموارد الثلاثة لزم انتفاء التحريم على وجه برهانى . كأنه وضع الكلام موضع من سلم أن ذلك قد تم ، وطالبه ببيان محله كى يتبين كذبه ، ويفتضح عند الحاجة . وإنما لم يورد - سبحانه - الأمر عقيب تفصيل الأنواع الأربعة ، بأن يقال قل ءآلذكور حرم أم الإِناث أما اشتملت عليه أرحام الإِناث ، لما فى التكرير من المبالغة أيضا فى الإِلزام والتبكيت . وقوله - تعالى - { أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ وَصَّاكُمُ ٱللَّهُ بِهَـٰذَا } تكرير للإِفحام والتبكيت . أى أكنتم حاضرين حين وصاكم الله وأمركم بهذا التحريم ؟ لا ، ما كنتم حاضرين فمن أين لكم هذه الأحكام الفاسدة ؟ . فالجملة الكريمة تبكتهم غاية التبكيت على جهالاتهم وافترائهم الكذب على الله ، والاستفهام فى قوله - تعالى - { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ ٱلنَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ } للنفى والإِنكار . أى لا أحد أشد ظلما من هؤلاء المشركين الذين يفترون على الله الكذب بنسبتهم إليه - سبحانه - تحريم ما لم يحرمه لكى يضلوا الناس عن الطريق القويم بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير . وقوله ، { بِغَيْرِ عِلْمٍ } متعلق بمحذوف حال من فاعل افترى ، أى افترى عليه - تعالى - جاهلا بصدور التحريم . وإنما وصف بعدم العلم مع أن المفترى عالم بعدم الصدور ، إيذاناً بخروجه فى الظلم عن الحدود والنهايات ، لأنه إذا كان المفترى بغير علم يعد ظالماً فكيف بمن يفترى الكذب وهو عالم بذلك . ثم ختمت الآية بقوله - تعالى - { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } أى لا يهديهم إلى طريق الحق بسبب ظلمهم ، وإيثارهم طريق الغى على طريق الرشد . هذا ، والمتأمل فى هاتين الآيتين الكريمتين يراهما قد ردتا على المشركين بأسلوب له - مع سهولته وتأثيره - الطابع المنطقى الذى يزيد المؤمنين إيماناً بصحة هذا الدين ، وصدق هذا القرآن ، ويقطع على المعارضين والملحدين كل حجة وطريق . وتقرير ذلك - كما قال بعض العلماء - أن تطبق قاعدة السير والتقسيم فيقال ، إن الله - تعالى - خلق من كل صنف من المذكورات نوعين ذكراً وأنثى ، وأنتم أيها المشركون حرمتم بعض هذه الأنعام ، فلا يخلو الأمر فى هذا التحريم من 1 - أن يكون تحريماً معللا بعلة . 2 - أو أن يكون تحريماً تعبدياً ملقى من الله - تعالى - . ولا جائز أن يكون تحريماً معللا ، لأن العلة إن كانت هى الذكورة فأنتم أبحتم بعض الذكور وحرمتم بعضا ، فلم تجعلوا الأمر فى الذكورة مطرداً وإن كانت العلة هى الأنوثة فكذلك الأمر حيث حرمتم بعض الإِناث وحللتم بعضا ، فلم تطرد العلة ، ومثل هذا يقال إذا جعلت العلة هى اشتمال الرحم من الأنثى على النوعين ، لأنها حينئذ تقتضى أن يكون الكل حراما فلماذا أحلوا بعضه . وهذا كله يؤخذ من قوله - تعالى - { قُلْ ءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ ٱلأُنثَيَيْنِ أَمَّا ٱشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ ٱلأُنثَيَيْنِ } . فبطل إذن أن يكون التحريم معللا . ولا جائز أن يكون التحريم تعبديا لا يدرى له علة ، أى مأخوذ عن الله ، لأن الأخذ عن الله إما بشهادة توصيته بذلك وسماع حكمه به ، وقد أنكر هذا عليهم بقوله { أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ وَصَّاكُمُ ٱللَّهُ بِهَـٰذَا } وإما أن يكون برسول أبلغهم ذلك ، وهم لم يأتهم رسول بذلك ، وفى هذا يقول - جل شأنه - متحديا لهم { نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ ٱلنَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ } . وإذن فما قالوه من التحريم إنما هو افتراء وضلال " . ثم أمر الله - تعالى - رسوله صلى الله عليه وسلم بعد إلزام المشركين وتبكيتهم ، وبيان أن ما يتقولونه فى أمر التحريم افتراء محض - بعد كل ذكل أمره بأن يبين لهم ما حرمه الله عليهم فقال { قُل لاَّ أَجِدُ فِي … } .