Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 46-49)
Tafsir: at-Tafsīr al-wasīṭ li-l-Qurʾān al-Karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المعنى قل يا محمد لهؤلاء المشركين الجاحدين أخبرونى إن سلب الله عنكم نعمتى السمع والبصر فأصبحتم لا تسمعون ولا تبصرون ، وختم على قلوبكم فصرتم لا تفقهون شيئاً ، من إله غيره يقدر على رد ما سلب منكم وأنتم تعرفون ذلك ولا تنكرونه فلماذا تشركون معه آلهة أخرى ؟ ثم التفت عنهم إلى التعجيب من حالهم فقال - تعالى - { ٱنْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ } أى انظر كيف ننوع الآيات والحجج والبراهين فنجعلها على وجوه شتى ليتعظوا ويعتبروا ثم هم بعد ذلك يعرضون عن الحق ، وينأون عن طريق الرشاد . والاستفهام فى قوله - تعالى - { أَرَأَيْتُمْ } للتنبيه أى إن لم تكونوا قد رأيتم ذلك فتبينوه وتأملوا ما يدل عليه . والضمير فى { بِهِ } يعود إلى المأخوذ وهو السمع والبصر والفؤاد . وفى قوله { ٱنْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ } تعجيب من عدم تأثرهم رغم كثرة الدلائل وتنوعها من أسلوب إلى أسلوب . وجملة { ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ } معطوفة على جملة نصرف الآيات وداخلة فى حكمها ، وكان العطف بثم لإِفادة الاستبعاد المعنوى ، لأن تصريف الآيات والدلائل يدعو إلى الإِقبال ، فكان من المستبعد فى العقول والأفهام أن يترتب عليه الإِعراض والابتعاد . قال القرطبى { يَصْدِفُونَ } أى يعرضون . يقال صدق عن الشىء إذا أعرض صدفا وصدوفا فهو صادف . فهم ماثلون معرضون عن الحجج والدلالات . ثم وجه عقولهم إلى لون آخر من ألوان الإقناع فقال - تعالى - { قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ ٱللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلظَّالِمُونَ } . بغتة أى مفاجأة ، وجهرة أى جهارا عيانا . والمعنى قل لهم أيها الرسول الكريم أخبرونى عن مصيركم إن أتاكم عذاب الله مباغتاً ومفاجئاً لكم من غير ترقب ولا انتظار ، أو أتاكم ظاهراً واضحاً بحيث ترون مقدماته ومباديه ، هل يهلك به إلا القوم الظالمون ؟ . والاستفهام فى قوله { هَلْ يُهْلَكُ } بمعنى النفى أى ما يهلك به إلا القوم الظالمون ، الذين أصروا على الشرك والجحود ، فهلاكهم سببه السخط عليهم والعقوبة لهم ، لأنهم عموا وصموا عن الهداية . ثم بين - سبحانه - وظيفة الرسل فقال { وَمَا نُرْسِلُ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ } ، أى تلك سنتنا وطريقتنا فى اهلاك المكذبين للرسل ، والمعرضين عن دعوتهم ، فإننا ما نرسل المرسلين إليهم إلا بوظيفة معينة محددة هى تقديم البشارة لمن آمن وعمل صالحاً ، وسوق الإِنذار لمن كذب وعمل سيئاً . فالجملة الكريمة كلام مستأنف مسوق لبيان وظيفة الرسل - عليهم الصلاة والسلام - ولإِظهار أن ما يقترحه المشركون عليهم من مقترحات باطلة ليس من وظائف المرسلين أصلا . ثم بين - سبحانه - عاقبة من آمن وعاقبة من كفر فقال { فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ ٱلْعَذَابُ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ } . والمعنى فمن آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وأصلح فى عمله . فلا خوف عليهم من عذاب الدنيا الذى ينزل بالجاحدين ، ولا من عذاب الآخرة الذى يحل بالمكذبين ، ولا هم يحزنون يوم لقاء الله على شىء فاتهم . والمس اللمس باليد ، ويطلق على ما يصيب المرء من ضر أو شر - فى الغالب - وفى قوله { يَمَسُّهُمُ ٱلْعَذَابُ } استعارة تبعية ، فكأن العذاب كائن حى يفعل بهم ما يريد من الآلام والعذاب . ثم لقن الله - تعالى - رسوله صلى الله عليه وسلم الأجوبة الحاسمة التى تدمغ شبهات الكافرين ، وتبين ضلال مقترحاتهم فقال { قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي … } .