Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 61, Ayat: 5-5)

Tafsir: at-Tafsīr al-wasīṭ li-l-Qurʾān al-Karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وموسى - عليه السلام - هو ابن عمران ، وهو واحد من أولى العزم من الرسل ، وينتهى نسبه إلى إبراهيم - عليه السلام - . وقد أرسله الله - تعالى - إلى فرعون وقومه وإلى بنى إسرائيل ، وقد لقى - عليه السلام - من الجميع أذى كثيرا . ومن ذلك أن فرعون وقومه وصفوه بأنه ساحر ، وبأنه مهين ، ولا يكاد يبين . وأن بنى إسرائيل قالوا له عندما أمرهم بطاعته سمعنا وعصينا ، وقالوا له أرنا الله جهرة وقالوا له اجعل لنا إلها كما لهم آلهة … وقالوا له اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون . وقالوا عنه إنه مصاب فى جسده بالأمراض ، فبرأه الله - تعالى - مما قالوا . قال ابن كثير وفى هذا تسلية لرسوله - صلى الله عليه وسلم - فيما أصابه من الكفار من قومه وغيرهم ، وأمر له بالصبر ، ولهذا قال " رحمة الله على موسى ، لقد أوذى بأكثر من هذا فصبر " . وفيه نهى للمؤمنين عن أن ينالوا من النبى - صلى الله عليه وسلم - ، أو يوصلوا إليه أذى ، كما قال - تعالى - { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ آذَوْاْ مُوسَىٰ فَبرَّأَهُ ٱللَّهُ مِمَّا قَالُواْ وَكَانَ عِندَ ٱللَّهِ وَجِيهاً } أى واذكر - أيها الرسول الكريم - وذكر أتباعك ليتعظوا ويعتبروا ، وقت أن قال موسى - عليه السلام - لقومه على سبيل الإِنكار والتعجيب من حالهم . { يٰقَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي } قال لهم يا أهلى ويا عشيرتى لماذا تلحقون الأذى بى ؟ . " وقد " فى قوله - تعالى - { وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ } للتحقيق ، والجملة حالية ، وجىء بالمضارع بعد " قد " للدلالة على أن علمهم بصدقه متجدد بتجدد ما يأتيهم به من آيات ومعجزات . قال الجمل قوله { وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ } قد للتحقيق . أى تحقيق علمهم . أى لا للتقريب ولا للتقليل ، وفائدة ذكرها التأكيد ، والمضارع بمعنى الماضى . أى وقد علمتم ، وعبر بالمضارع ليدل على استصحاب الحال ، وعلى أنها مقررة للإِنكار . فإن العلم برسالته يوجب تعظيمه ، ويمنع إيذاءه لأن من عرف الله - تعالى - وعظمته ، عظَّم رسوله . ثم بين - سبحانه - ما ترتب على إيثارهم الغى على الهدى ، فقال { فَلَمَّا زَاغُوۤاْ أَزَاغَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمْ } . والزيغ هو الميل عن طريق الحق ، يقال زاغ يزيغ زيغا وزيغانا ، إذا مال عن الجادة ، وأزاغ فلان فلانا ، إذا حوله عن طريق الخير إلى طريق الشر . أى فلما أصروا على الميل عن الحق مع علمهم به . واستمروا على ذلك دون أن تؤثر المواعظ فى قلوبهم … أمال الله - تعالى - قلوبهم عن قبول الهدى . لإِيثارهم الباطل على الحق والضلالة على الهداية . كما قال - تعالى - { وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ ٱلْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً } وقوله - سبحانه - { وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ } تذييل قصد به التقرير لما قبله ، من أن الزيغ يؤدى إلى عدم الهداية ، وبيان سنة من سنن الله فى خلقه ، وهى أن من استحب العمى على الهدى ، وأصر على ذلك … كانت عاقبه الخسران . أى وقد اقتضت حكمة الله - تعالى - أن لا يهدى القوم الخارجين عن طريق الحق ، إلى ما يسعدهم فى حياتهم وبعد مماتهم ، لأنهم هم الذين اختاروا طريق الشقاء ، وأصروا على سولكها . ثم ذكر - سبحانه - جانبا مما قاله عيسى - عليه السلام - لبنى إسرائيل ، فقال - تعالى - { وَإِذْ قَالَ عِيسَى … } .