Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 199-199)
Tafsir: at-Tafsīr al-wasīṭ li-l-Qurʾān al-Karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
العفو يطلق فى اللغة على خالص الشىء وجيده ، وعلى الفضل الزائد فيه ، وعل السهل الذى لا كلفة فيه . أى خذ ما عفا وسهل وتيسر من أخلاق الناس ، وارض منهم بما تيسر من أعمالهم وتسهل من غير كلفة . ولا تطلب منهم ما يشق عليهم ويرهقهم حتى لا ينفروا ، وكن لينا رفيقاً فى معاملة أتباعك ، فإنك { وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ ٱلْقَلْبِ لاَنْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ } و { وَأْمُرْ بِٱلْعُرْفِ } أى مر غيرك بالمعروف المستحسن من الأفعال ، وهو كل ما عرف حسنه فى الشرع ، فإن ذلك أجدر بالقبول من غير نكير ، فإن النفوس حين تتعود الخير الواضح الذى لا يحتاج إلى مناقشة وجدال ، يسلس قيادها ، ويسهل توجيهها . { وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْجَاهِلِينَ } الذين لا يدركون قيم الأشياء والأشخاص والكلمات فيما يبدر منهم من أنواع السفاهة والإِيذاء لأن الرد على أمثال هؤلاء ومناقشتهم لا تؤدى إلى خير ، ولا تنتهى إلى نتيجة . والسكوت عنهم احتزام للنفس ، واحترام للقول ، وقد يؤدى الإِعراض عنهم إلى تذليل نفوسهم وترويضها . وهذه الآية على قصرها تشتمل - كما قال العلماء - على مكارم الأخلاق فيما يتعلق بمعاملة الإِنسان لأخيه الإِنسان ، وهى طريق قويم لكل ما تطلبه الإِنسانية الفاضلة لأبنائها الأبرار ، وقد جاءت فى أعقاب حديث طويل عن أدلة وحدانية الله - تعالى - وأبطال الشرك والشركاء ، لكى تبين للناس فى كل زمان ومكان أن التحلى بمكارم الأخلاق إنما هو نتيجة لإِخلاص العبادة لله الواحد الأحد ، الفرد الصمد . قال القرطبى " هذه الآية من ثلاث كلمات ، تضمنت قواعد الشريعة فى المأمورات والمنهيات . فقوله { خُذِ ٱلْعَفْوَ } دخل فيه صلة القاطعين والعفو عن المذنبين ، والرفق بالمؤمنين ، وغير ذلك من أخلاق المطيعين . ودخل فى قوله { وَأْمُرْ بِٱلْعُرْفِ } صلة الأرحام ، وتقوى الله فى الحلال والحرام ، وغض الأبصار ، والاستعداد لدار القرار . وفى قوله { وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْجَاهِلِينَ } الحض على التعلق بالعلم ، والإِعراض عن أهل الظلم ، والتنزه عن منازعة السفهاء ، ومساواة الجهلة الأغبياء ، وغير ذلك من الأخلاق المجيدة والأفعال الرشيدة " . ثم يرشد القرآن المسلمين فى شخص الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إلى ما يهدىء غضبهم ويطفىء ثورتهم فيقول { وَإِماَّ يَنَزَغَنَّكَ … } .