Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 200-202)

Tafsir: at-Tafsīr al-wasīṭ li-l-Qurʾān al-Karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

النزغ والنخس والغرز بمعنى واحد ، وهو إدخال الإِبرة أو طرف العصا ونحوها فى الجلد . أى وإن تعرض لك من الشيطان وسوسة تثير غضبك ، وتحملك على خلاف ما أمرت به من أخذ العفو والأمر بالمعروف والإِعراض عن الجاهلين ، فالتجىء إلى الله ، واستعذ بحماه ، فإنه - سبحانه - سميع لدعائك ، عليم بكل أحوالك . وهو وحده الكفيل بصرف وسوسة الشياطين عنك ، وصيانتك من همزاتهم ونزغاتهم . ثم بين - سبحانه - حالة المتقين فقال { إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ ٱلشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ } . طائف من الطواف والطواف بالشىء أى الاستدارة به أو حوله . يقال طاف بالشىء إذا دار حوله . والمراد به هنا وسوسة الشيطان وهمزاته . أى إن الذين اتقوا الله - تعالى - وصانوا أنفسهم عن كل ما يغضبه إذا مسهم شىء من وسوسة الشيطان ونزغاته التى تلهيهم عن طاعة الله ومراقبته { تَذَكَّرُواْ } أى تذكروا أن المس إنما هو من عدوهم الشيطان فعادوا سريعا إلى طاعة الله ، وإلى خوف مقامه ونهوا أنفسهم عن اتباع همزات الشياطين . والجملة الكريمة مستأنفة مقررة لما قبلها من الأمر ببيان أن الاستعاذة سنة مسلوكة للمتقين ، وأن الإِخلال بها من طبيعة الضالين . وفى قوله { إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ } إشعار بعلو منزلتهم ، وقوة إيمانهم ، وسلامة يقينهم لأنهم بمجرد أن تطوف بهم وساوس الشيطان أو بمجرد أن يمسهم شىء منه فإنهم يتذكرون عداوته ، فيرجعون سريعا إلى حمى ربهم يستجيرون به ويتوبون إليه . وفى التعبير عن الوسوسة بالطائف إشعار بأنها وإن مست هؤلاء المتقين فإنها لا تؤثر فيهم ، لأنها كأنها طافت حولهم دون أن تصل إليهم . وقوله { فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ } أى فإذا هم مبصرون مواقع الخطأ ، وخطوات الشيطان ، فينتهون عنها . وفى هذه الآية الكريمة ما يهدى العقول ، ويطب النفوس ، إذ هى تبين لنا أن مس الشيطان قد يغلق بصيرة الإِنسان عن كل خير ، ولكن التقوى هى التى تفتح هذه البصيرة ، وهى التى تجعل الإِنسان دائماً يقظاً متذكراً لما أمره الله به أو نهاه عنه ، فينتصر بذلك على وساوس الشيطان وهمزاته وتبقى لهم بصيرتهم على أحسن ما تكون صفاء ونقاء وكشفاً . أما الذين لم يتقوا الله ، ولم يلجأوا إلى حماه ، ولم يخالفوا الشيطان فقد عبر عنهم القرآن بقوله { وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي ٱلْغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ } . يمدونهم من المد ، وهو الزيادة يقال مده يمده أى زاده . والغى الضلال ، مصدر غوى يغوى غيا وغواية . أى وإخوان الشياطين من المشركين والغافلين تزيدهم الشياطين من الضلال عن طريق الوسوسة والإِغراء بأرتكاب المعاصى والموبقات { ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ } أى ثم لا يكف هؤلاء الشياطين عن إمداد أوليائهم من الإِنس بألوان الشرور والآثام حتى يهلكوهم . ويجوز أن يعود الضمير لإِخوانهم أى ثم لا يكف هؤلاء الناس عن الغى والضلال مهما وعظهم الواعظون وأرشدهم المرشدون . و { يُقْصِرُونَ } من أقصر عن الشىء إذا كف عنه ونزع مع القدرة عليه . ثم بين - سبحانه - لونا من ألوان غوايتهم وضلالهم فقال { وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ … } .