Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 78, Ayat: 1-20)

Tafsir: at-Tafsīr al-wasīṭ li-l-Qurʾān al-Karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لفظ " عم " مركب من كلمتين ، هما حرف الجر " عن " و " ما " التى هى اسم استفهام ، فأصل هذا اللفظ " عن ما " فأدغمت النون فى الميم لأن الميم تشاركها فى الغنة ، وحذفت الألف ليتميز الخبر عن الاستفهام . والجار والمجرور متعلق بفعل " يتساءلون " . والتساؤل تفاعل من السؤال ، بمعنى أن يسأل بعض الناس بعضا عن أمر معين ، على سبيل معرفة وجه الحق فيه ، أو على سبيل التهكم . والنبأ الخبر مطلقا ، ويرى بعضهم أنه الخبر ذو الفائدة العظيمة . والمعنى عن أى شئ يتساءل هؤلاء المشركون ؟ وعن أى أمر يسأل بعضهم بعضا ؟ إنهم يتساءلون عن النبأ العظيم ، والخبر الهام الذى جاءهم به الرسول صلى الله عليه وسلم ، والذى نطق به القرآن الكريم ، من أن البعث حق ، ومن أن هذا القرآن الكريم من عند الله - تعالى - ومن أن الرسول صلى الله عليه وسلم صادق فيما يأمرهم به أو ينهاهم عنه . وافتتح - سبحانه - الكلام بأسلوب الاستفهام ، لتشويق السامع إلى المستفهم عنه ، ولتهويل أمره ، وتعظيم شأنه . والضمير فى قوله { يتساءلون } يعود إلى المشركون ، الذين كانوا يكثرون من التساؤل فيما بينهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، عما جاء به من عند ربه ، فقد أخرج ابن جرير وابن أبى حاتم عن الحسن قال لما بعث النبى صلى الله عليه وسلم جعلوا يتساءلون فيما بينهم - عن أمره وعما جاءهم به - فنزل قوله - تعالى - { عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ . عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلْعَظِيمِ … } . وصح عود الضمير إليهم مع أنهم لم يسبق لهم ذكر ، لأنهم معروفون من السياق ، إذ هم - دون غيرهم - الذين كانوا يتساءلون فيما بينهم - على سبيل التهكم - عما جاء به النبى صلى الله عليه وسلم . وقوله - تعالى - { عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلْعَظِيمِ } تهويل لشأن هذا الأمر الذى يتساءلون فيما بينهم عنه ، ووصف - سبحانه - النبأ بالعظم ، زيادة فى هذا التهويل والتفخيم من شأنه ، لكى تتوجه إليه أذهانهم ، وتلتفت إليهم أفهامهم . فكأنه - سبحانه - يقول عن أى شئ يسأل هؤلاء الجاحدون بعضهم بعضا ؟ أتريدون أن تعرفوا ذلك على سبيل الحقيقة ؟ إنهم يتساءلون عن النبأ العظيم ، وعن الخبر الجسيم ، { ٱلَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ } ما بين منكر له إنكاراً تاما ، كما حكى - سبحانه - عنهم فى قوله { إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ } وما بين متردد فى شأنه ، كما حكى - سبحانه - عن بعضهم فى قوله { وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَٱلسَّاعَةُ لاَ رَيْبَ فِيهَا قُلْتُم مَّا نَدْرِي مَا ٱلسَّاعَةُ إِن نَّظُنُّ إِلاَّ ظَنّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ } قال صاحب الكشاف قوله { عم } أصله عما ، على أنه حرف جر ، دخل على ما الاستفهامية . ومعنى هذا الاستفهام تفخيم الشأن ، كأنه قال عن أى شئ يتساءلون . ونحوه ما فى قولك زيد ما زيد ؟ جعلته لانقطاع قرينه ، وعدم نظيره ، كأنه شئ خفى عليك جنسه . فأنت تسأل عن جنسه ، وتفحص عن جوهره ، كما تقول ما الغول وما العنقاء … ؟ . و { يَتَسَآءَلُونَ } يسأل بعضهم بعضا … والضمير لأهل مكة ، فقد كانوا يتساءلون فيما بينهم عن البعث . وقوله { عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلْعَظِيمِ } بيان للشأن المفخم . فإن قلت قد زعمت أن الضمير فى { يَتَسَآءَلُونَ } للكفار ، فما تصنع بقوله { ٱلَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ } ؟ قلت كان فيهم من يقطع القول بإنكار البعث ، ومنهم من يشك . وقيلالضمير للمسلمين والكافرين جميعا ، وكانوا جميعا يسألون عنه ، أما المسلم فليزداد خشية واستعدادا ، وأما الكافر فليزداد استهزاء … ثم هدد - سبحانه - هؤلاء المستهزئين بما جاء به النبى صلى الله عليه وسلم تهديدا شديدا ، فقال { كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ . ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ } . و " كلا " حرف زجر وردع ، والمقصود بها هنا ردع أولئك المتسائلين عن النبأ العظيم ، ونوعدهم على اختلافهم فى شأنه . أى كلا ليس الأمر كما يتوهمه أولئك المتسائلون ، من استهزائهم بما جاءهم به الرسول صلى الله عليه وسلم ومن إنكارهم لكون القرآن الكريم من عند الله ، أو لكون البعث حق . بل الحق كل الحق أن الرسول صلى الله عليه وسلم صادق كل الصدق فيما يبلغه عن ربه ، وأن هؤلاء المتسائلين سيرون عما قريب سوء عاقبة استهزائهم واختلافهم . والجملة الثانية وهى قوله { ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ } جئ بها لزيادة التهديد والوعيد ، ولبيان أن الوعيد الثانى أشد وأبلغ من الوعيد الأول . وحذف مفعول { سَيَعْلَمُونَ } للتعميم والتهويل ، أى سيعلمون علم اليقين ما سيحل بهم من عذاب مقيم ، وسيرون ذلك رأى العين عما قريب ، كما قال - تعالى - { إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً . وَنَرَاهُ قَرِيباً } ثم ساق - سبحانه - بعد ذلك تسعة أدلة ، كلها تدل على أن البعث حق ، لأن القادر على إيجاد هذه الأشياء ، قادر - أيضا - على إعادتهم إلى الحياة ، فقال - تعالى - { أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ مِهَاداً } والاستفهام هنا للتقرير ، أى لقد جعلنا - بقدرتنا التى لا يعجزها شئ - الأرض كالفراش الممهد الموطأ ، لتتمكنوا من الاستقرار عليها ، ومن التقلب فيها … كما يتقلب الطفل فى مهده ، أى فراشه . والمهاد مصدر بمعنى الفراش الموطأ الممهد ، وهو اسم لما يوضع للصبى لكى ينام عليه ، ووصفت الأرض به على سبيل المبالغة فى جعلها مكان استقرار الناس وانتفاعهم وراحتهم ، والكلام على سبيل التشبيه البليغ ، أو على حذف مضاف . وجعل بمعنى صير . أى لقد صيرنا الأرض بقدرتنا كفراش الصبى بالنسبة لكم ، حيث تتقلبون عليها كما يتقلب الصبى فى فراشه . . أو صيرناها ذات مهاد . قال صاحب الكشاف ما ملخصه فإن قلت كيف اتصل قوله { أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ مِهَاداً } بما قبله ؟ . قلت لما أنكروا البعث قيل لهم ألم يخلق من يضاف إليه البعث هذه الخلائق العجيبة الدالة على كمال قدرته ، فما وجه إنكار قدرته على البعث ، وما هو إلا اختراع كهذه الاختراعات ؟ ومهادا فراشا ، وقرئ مهدا . ومعناه أنها لهم كالمهد للصبى ، وهو ما يمهد له فينوّم عليه ، تسمية للممهود بالصدر ، كضرب الأمير ، أو وصفت بالمصدر ، أو بمعنى ذات مهد … وقوله { وَٱلْجِبَالَ أَوْتَاداً } معطوف على ما قبله ، والأوتاد جمع وتد ، وهو ما يشد به الشئ حتى لا يتحرك أو يضطرب ، والكلام على التشبيه - أيضا - . أى لقد صيرنا - بقدرتنا - الأرض كالمهاد لتتمكنوا من الاستقرار عليها … وجعلنا الجبال كالأوتاد للأرض ، لئلا تميد أو تضطرب بكم … كما قال - تعالى - { وَأَلْقَىٰ فِي ٱلأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ … } وقوله - سبحانه - { وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً } دليل ثالث على قدرته ، والأزواج جمع زوج . وهو اسم للعدد الذى يكرر الواحد منه مرة واحدة ، والمراد به هنا الذكور والإِناث . أى ومن مظاهر قدرتنا أننا خلقناكم - يا بنى آدم - مزدوَجين ، أى ذكرا وأنثى ، ليتأتى التناسل ، وحفظ النوع من الانقراض ، وتنظيم أمر المعاش فى الأرض ، عن طريق استمتاع كل نوع بالآخر ، كما قال - تعالى - { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوۤاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً … } قال الآلوسى { أَزْوَاجاً } أى مزدوجين ذكرا وأنثى ليتسنى التناسل . وقيل أزواجا أى أصنافا فى اللون والصورة واللسان . وقيل يجوز أن يكون المراد من الخلق أزواجا الخلق من منيين منى الرجل ومنى المرأة … وقوله - تعالى - { وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً } بيان لدليل رابع على قدرته - تعالى - على البعث . و " السبات " مصدر بمعنى السبت ، أى القطع ، يقال سبت فلان الشئ سبتا ، إذا قطعه ، وسبت فلان شعره ، إذا حلقه وأزاله - وفعله كضرب ونصر - . ويصح أن يكون قوله سباتا من السبت بمعنى الراحة والسكون ، يقال سبت فلان يسبت ، إذا استراح بعد تعب ، ومنه سمى يوم السبت ، لأن اليهود ينقطعون فيه عن أعمالهم للراحة . والمعنى وجعلنا - بمقتضى حكمتنا ورحمتنا - نومكم " سباتا " أى قطعا للحركة ، لتحصل لكم للراحة التى لا تستطيعون مواصلة العمل إلا بعدها . وهذه الحالة التى لا بد لكم منها ، وهى الراحة بعد عناء العمل عن طريق النوم ثم استيقاظكم منه ، أشبه ما تكون بإعادة الحياة إليكم بعد موتكم … وقوله - تعالى - { وَجَعَلْنَا ٱللَّيْلَ لِبَاساً . وَجَعَلْنَا ٱلنَّهَارَ مَعَاشاً } بيان لنعمة أخرى من نعمه التى لا تحصى ، والتى تدل على كمال قدرته . أى وجعلنا - بقدرتنا ورحمتنا - الليل كاللباس الساتر لكم ، فهو يلفكم بظلمته ، كما يلف اللباس صاحبه … كما أننا جعلنا النهار وقت معاشكم ، لكى تحصلوا فيه ما أنتم فى حاجة إلى تحصيله من أرزاق ومنافع . ووصف - سبحانه - الليل بأنه كاللباس ، والنهار بأنه وقت المعاش ، لأن الشأن فيهما كذلك ، إذ الليل هو وقت الراحة والسكون والاختلاء … والنهار هو وقت السعى والحركة والانتشار . ثم لفت - سبحانه - الأنظار إلى مظاهر قدرته فى خلق السموات فقال { وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً } . أى وبنينا وأوجدنا بقدرتنا التى لا يعجزها شئ ، فوقكم - أيها الناس - سبع سماوات قويات محكمات ، لا يتطرق إليهن فطور أو شقوق على مر العصور ، وكر الدهور . فقوله { شِدَاداً } جمع شديدة ، وهى الهيئة الموصوفة بالشدة والقوة . وقوله - سبحانه - { وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً } نعمة أخرى من نعمه الدالة على قدرته . والمراد بالسراج الوهاج الشمس ، وصفت بكونها سراجا ، لأنها كالمصباح فى إضاءته لما حوله . ووصف السراج بأنه وهاج ، مبالغة فى شدة ضيائه ولمعانه ، من الوهج - يفتح الواو والهاء - بمعنى شدة الضياء … والكلام على التشبيه البليغ ، والمقصود منه تقريب صفة المشبه إلى الأذهان ، وإلا فالشمس أعظم من كل سراج . أى وأنشأنا وأوجدنا - بقدرتنا ومنتنا - فى السماء ، سراجا زاهرا مضيئا … هو الشمس المتوهجة من شدة حرارتها وضيائها ، والتى تشرق على هذا الكون فتحول ظلامه إلى نور ، بقدرته - تعالى - . أما الدليل التاسع على قدرته - تعالى - على البعث ، فنراه فى قوله - تعالى - { وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلْمُعْصِرَاتِ مَآءً ثَجَّاجاً . لِّنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً . وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً } . والمعصرات - بضم الميم وكسر الصاد - السحب التى تحمل المطر ، جمع معصرة - بكسر الصاد - اسم فاعل ، من أعصرت السحابة إذا أوشكت على إنزال الماء لامتلائها به … قال ابن كثير عن ابن عباس " المعصرات " الرياح . لأنها تستدر المطر من السحاب … وفى رواية عنه أن المراد بها السحاب ، وكذا قال عكرمة … واختاره ابن جرير … وقال الفراء هى السحاب التى تتحلب بالماء ولم تمطر بعد ، كما يقال امرأة معصر ، إذا حان حيضها ولم تحض بعد . وعن الحسن وقتادة المعصرات يعنى السموات . وهذا قول غريب ، والأظهر أن المراد بها السحاب ، كما قال - تعالى - { ٱللَّهُ ٱلَّذِي يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي ٱلسَّمَآءِ كَيْفَ يَشَآءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى ٱلْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ … } والثجاج المندفع بقوة وكثرة ، يقال ثج الماء - كرد - إذا انصب بقوة وكثرة . ومطر ثجاج ، أى شديد الانصباب جدا . وقوله { أَلْفَافاً } اسم جمع لا واحد له من لفظه ، كالأوزاع للجماعات المتفرقة . وقيل جمع لفيف ، كأشراف وشريف . أى وأنزلنا لكم - يا بنى آدم - بقدرتنا ورحمتنا - من السحائب التى أوشكت على الإِمطار ، ماء كثيرا متدفقا بقوة ، لنخرج بهذا الماء حبا تقتاتون به - كالقمح والشعير . . ونباتا تستعملونه لدوابكم كالتبن والكلأ ، ولنخرج بهذا الماء - أيضا - بساتين قد التفت أغصانها لتقاربها وشدة نمائها . فهذه تسعة أدلة أقامها - سبحانه - على أن البعث حق ، وهى أدلة مشاهدة محسوسة ، لا يستطيع عاقل إنكار واحد منها … وما دام الأمر كذلك فكيف ينكرون قدرته على البعث ، مع أنه - تعالى - قد أوجد لهم كل هذه النعم التى منها ما يتعلق بخلقهم ، ومنها ما يتعلق بالأرض والسموات ، ومنها ما يتعلق بنومهم ، وبالليل والنهار ، ومنها ما يتعلق بالشمس ، وبالسحب التى تحمل لهم الماء الذى لا حياة لهم بدونه . وبعد إيراد هذه الأدلة المقنعة لكل عاقل ، أكد - سبحانه - ما اختلفوا فيه ، وما تساءلوا عنه ، وبين جانبا من أماراته وعلاماته فقال { إِنَّ يَوْمَ ٱلْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً . يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً . وَفُتِحَتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً . وَسُيِّرَتِ ٱلْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً } . والمراد بيوم الفصل يوم القيامة ، لأن فيه يكون الفصل بين المحق والمبطل ، والمحسن والمسئ ، فيجازى كل إنسان على حسب عمله . والميقات - بزنة مفعال - مشتق من الوقت ، وهو الزمان المحدد لفعل ما . والمراد به هنا قيام الساعة ، وبعث الناس من قبورهم . أى إن يوم البعث والجزاء ، كان ميعادا ووقتا محددا لبعث الأولين والأخرين ، وما يترتب على ذلك من جزاء وثواب وعقاب . وقوله { يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ … } بدل مما قبله ، أى يوم القيامة آت لا ريب فيه ، يوم نأمر إسرافيل بأن ينفخ فى الصور ، أى فى القرن الذى أوجدناه لذلك . { فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً } أى فتخرجون من قبوركم جماعات جماعات ، وطوائف ، طوائف دون أن يستطيع أحد منكم التخلف عن الحضور إلى المكان الذى أعددناه لذلك . { وَفُتِحَتِ ٱلسَّمَآءُ … } فى هذا اليوم وشقت … { فَكَانَتْ أَبْوَاباً } أى فصارت شقوقها وفتحاتها كالأبواب فى سعتها وكثرتها . { وَسُيِّرَتِ ٱلْجِبَالُ … } أى وأزيلت الجبال وحركت من أماكنها بعد تفتتها . { فَكَانَتْ سَرَاباً } أى فصارت بعد تفتتها واقتلاعها من أماكنها … كالسراب ، وهو ما يلوح فى الصحارى ، فيظنه الرائى ماء وهو ليس بماء . وبعد هذا البيان البديع لجانب من مظاهر قدرته - تعالى - على كل شئ ، ومن ألوان نعمه على خلقه ، ومن تقرير أن البعث حق … بعد كل ذلك ، بين - سبحانه - جزاء الكافرين ، وجزاء المتقين فى هذا اليوم فقال - تعالى - { إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ … } .