Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 56-57)
Tafsir: at-Tafsīr al-wasīṭ li-l-Qurʾān al-Karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أى أن هؤلاء المنافقين يحلفون بالله لكم - أيها المؤمنون - " إنهم لمنكم " أى فى الدين والملة ، والحق أنهم ما هم منكم ، لأنهم يظهرون الإِسلام ويخفون الكفر ، فهم كما وصفهم - سبحانه - فى قوله { إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُنَافِقُونَ قَالُواْ نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ٱتَّخَذُوۤاْ أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ إِنَّهُمْ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } وقوله { وَلَـٰكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ } استدراك للرد عليهم فيما قالوه وأقسموا عليه كذبا وزورا . وقوله { يَفْرَقُونَ } من الفرق ، بمعنى الفزع الشديد من أمر يتوقع حصوله . يقال فرق فرقا إذا اشتد خوفه وهلعه . أى أن هؤلاء المنافقين لشدة خوفهم وهلعهم - أيها المؤمنون - يحلفون لكم كذبا وزورا بأنهم منكم ، والحق أنهم ما هم منكم ، ولكنهم قوم جبناء . لا يستطيعون مصارحتكم بالعداوة ، ولا يجرؤون على مجابهتكم بما تخفيه قلوبهم لكم من بغضاء . وقوله - سبحانه - { لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَئاً أَوْ مَغَارَاتٍ … } تأكيد لما كان عليه أولئك المنافقون من جبن خالع . والملجأ اسم للمكان الذى يلجأ إليه الخائف ليحتمى به سواء أكان حصنا أو قلعة أو غيرهما . والمغارات جمع مغارة وهى المكان المنخفض فى الأرض أو فى الجبل . قال بعضهم والغور - يفتح الغين - من كل شئ قعره . يقال غار الرجل غورا إذا أتى الغور وهو المنخفض من الأرض . والمدخل - بتشديد الدال اسم للموضع الذى يدخلون فيه ، بصعوبة ومشقة لضيقه ، كالنفق فى الأرض . وقوله { يَجْمَحُونَ } أى يسرعون أشد الإِسراع مأخوذ من الجموح وهو أن يغلب الفرس صاحبه فى سيره وجريه . يقال جمح الفرس براكبه جموحا ، إذا استعصى عليه حتى غلبه . والمعنى أن هؤلاء المنافقين لو يجدون حصنا يلتجئون إليه أو مغارات يستخفون فيها . أو سردابا فى الأرض ينجحرون فيه ، لأقبلوا نحوه مسرعين أشد الإِسراع دون أن يردهم شئ ، كالفرس الجموح الذى عجز صاحبه عن منعه من النفور والعَدْو . فالآية الكريمة تصوير معجز لما كان عليه أولئك المنافقون من خوف شديد من المؤمنين ، ومن بغض دفين لهم ، حتى إنهم لو وجدوا شيئا من هذه الأمكنة - التى هى منفور منها - لأسرعوا نحوها إسراعا شديداً . ثم تمضى السورة بعد ذلك فى الكشف عن الأقوال المنكرة ، والأفعال القبيحة التى كانت تصدر عن المنافقين فتقول . { وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ … إِلَى ٱللَّهِ رَاغِبُونَ } .