Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 58-59)
Tafsir: at-Tafsīr al-wasīṭ li-l-Qurʾān al-Karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال الإِمام الرازى اعلم أن المقصود من هذا ، شرح نوع آخر من قبائحهم وفضائحهم ، وهو طعنهم فى الرسول - صلى الله عليه وسلم - بسبب أخذ الصدقات من الأغنياء ، ويقولون إنه يؤثر بها من يشاء من أقاربه وأهل مودته ، وينسبونه إلى أنه لا يراعى العدل . هذا ، وقد ذكر المفسرون فى سبب نزول هاتين الآيتين روايات منها ما أخرجه البخارى والنسائى " عن أبى سعيد الخدرى - رضى الله عنه - قال بينما النبى - صلى الله عليه وسلم - يقسم قسما إذ جاءه ذو الخويصرة التميمى فقال اعدل يا رسول الله ، فقال " ويلك ! ومن يعدل إذا لم أعدل " ؟ فقال عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - ائذن لى فأضرب عنقه ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم ، وصيامه مع صيامهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم فى الرمية … " . قال أبو سعيد ، فنزلت فيهم { وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي ٱلصَّدَقَاتِ … } . وروى ابن مردويه " عن ابن مسعود - رضى الله عنه - قال " لما قسم النبى - صلى الله عليه وسلم - غنائم حين سمعت رجلا يقول إن هذه قسمة ما أريد بها وجه الله . فأتيت النبى - صلى الله عليه وسلم - فذكرت له ذلك فقال " رحمة الله على موسى ، لقد أوذى بأكثر من هذا فصبر " ونزل { وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي ٱلصَّدَقَاتِ } . وقوله { يَلْمِزُكَ } أى يعيبك ويطعن عليك فى قسمة الصدقات وغيرها من الأموال ، مأخوذ من اللمز وهو العيب . يقال لمزه وهمزه يلمزه ويهمزه إذا عابه وطعن عليه ، ومنه قوله - تعالى - { ويْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ } وقيل اللمز ما كان يحضره الملموز ، والهمز ما كان فى غيابه . والمعنى ومن هؤلاء المنافقين - يا محمد - من يعيبك ويطعن عليك فى قسمة الصدقات والغنائم ، زاعمين أنك لست عادلا فى قسمتك . وقوله { فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ … } بيان لفساد لمزهم وطعنهم ، وأن الدافع إليه إنما هو الطمع والشره فى حطام الدنيا ، وليس الغضب من أجل إحقاق الحق أو من أجل نشر العدالة بين الناس . أى أن هؤلاء المنافقين إن أعطيتهم . يا محمد . من تلك الصدقات ، رضوا عنك ، وحكموا على هذا العطاء بأنه عدل حتى ولو كان ظلماً ، وإن لم تعطهم منها سخطوا عليك ، واتهموك بأنك غير عادل ، حتى ولو كان عدم عطائهم هو الحق بعينه ، فهم لا يقولون ما يقولونه فيك غضبا للعدل ، ولا حماسة للحق ، ولا غيرة على الدين … وإنما يقولون ما يقولون من أجل مطامعهم الشخصية ، ومنافعهم الذاتية .