Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 67-68)
Tafsir: at-Tafsīr al-wasīṭ li-l-Qurʾān al-Karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال الإِمام الرازى اعلم أن هذا شرح لنوع آخر من أنواع فضائحهم وقبائحهم ، والمقصود بيان أن إناثهم كذكورهم فى تلك الأعمال المنكرة ، والأفعال الخبيثة فقال { ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِّن بَعْضٍ } أى فى صفة النفاق ، وذلك كما يقول إنسان لآخر أنت منى وأنا منك . أى أمرنا واحد لا مباينة فيه ولا مخالفة … وقوله { يَأْمُرُونَ بِٱلْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمَعْرُوفِ } تفصيل لجانب من رذائلهم ، ومن مسالكهم الخبيثة . أى يأمرون غيرهم بكل ما تستنكره الشرائع ، وتستقبحه العقول ، وينهونه عن كل أمر دعت إليه الأديان ، وأحبته القلوب السليمة . وقوله { وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ } كناية عن بخلهم وشحهم ، لأن الإِنسان السخى يبسط يده بالعطاء ، بخلاف الممسك القتور فإنه يقبض يده عن ذلك . أى أن من صفات هؤلاء المنافقين أنهم بخلاء أشحاء عن بذل المال فى وجوهه المشروعة . وقوله { نَسُواْ ٱللَّهَ فَنَسِيَهُمْ } كناية عن رسوخهم فى الكفر ، وانغماسهم فى كل ما يبعدهم عن الله - تعالى - . والمقصود بالنسيان هنا لازمه ، وهو الترك والإِهمال لأن حقيقة النسيان محالة على الله - تعالى - ، كما أن النسيان الحقيقى لا يذم صاحبه عليه لعدم التكليف به . أى تركوا طاعة الله وخشيته ومراقبته ، فتركهم - سبحانه - وحرمهم من هدايته ورحمته وفضله . وقوله { إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } تذييل قصد به المبالغة فى ذمهم . أى إن المنافقون هم الكاملون فى الخروج عن طاعة الله ، وفى الانسلاخ عن فضائل الإِيمان ، ومكارم الأخلاق . وقوله - سبحانه - { وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَٱلْمُنَافِقَاتِ وَٱلْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ … } بيان لسوء مصيرهم ، بعد بيان جانب من صفاتهم الذميمة . أى وعد الله - تعالى - المنافقين والمنافقات والكفار المجاهرين بكفرهم { نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا } خلوداً أبدياً . وقوله { هِيَ حَسْبُهُمْ } أى إن تلك العقوبة الشديدة كافية لإِهانتهم وإذلالهم بسبب فسوقهم عن أمر ربهم . وقوله { وَلَعَنَهُمُ ٱللَّهُ } أى طردهم وأبعدهم من رحمته ولطفه . وقوله { وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } أى ولهم عذاب دائم لا ينقطع فهم فى الدنيا يعيشون فى عذاب القلق والحذر من أن يطلع المسلمون على نفاقهم ، وفى الآخرة يذوقون العذاب الذى هو أشد وأبقى ، بسبب إصرارهم على الكفر والفسوق والعصيان . وبذلك نرى الآيتين الكريمتين قد بينتا جانباً من قبائح المنافقين ، ومن سوء مصيرهم فى عاجلتهم وآجلتهم . ثم ساقت السورة الكريمة - لهؤلاء المنافقين - نماذج لمن حبطت أعمالهم بسبب غرورهم ، وضربت لهم الأمثال بمن هلك من الطغاة السابقين بسبب تكذيبهم لأنبيائهم ، فقال - تعالى - { كَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ … أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } .