Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 56-60)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ هُوَ يُحْىِ وَيُمِيتُ } في الدنيا فهو يقدر عليهما في العقبى لأن القادر لذاته لا تزول قدرته ، والمادة القابلة بالذات للحياة والموت لهما أبداً . { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } بالموت أو النشور . { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَاءتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ مّن رَّبّكُمْ وَشِفَاء لِمَا فِى ٱلصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لّلْمُؤْمِنِينَ } أي قد جاءكم كتاب جامع للحكمة العملية الكاشفة عن محاسن الأعمال ومقابحها المرغبة في المحاسن والزاجرة عن المقابح ، والحكمة النظرية التي هي شفاء لما في الصدور من الشكوك وسوء الاعتقاد وهدى إلى الحق واليقين ورحمة للمؤمنين ، حيث أنزلت عليهم فنجوا بها من ظلمات الضلال إلى نور الإِيمان ، وتبدلت مقاعدهم من طبقات النيران بمصاعد من درجات الجنان ، والتنكير فيها للتعظيم . { قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ } بإنزال القرآن ، والباء متعلقة بفعل يفسره قوله : { فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ } فإن اسم الإشارة بمنزلة الضمير تقديره بفضل الله وبرحمته فليعتنوا أو فليفرحوا فبذلك فليفرحوا ، وفائدة ذلك التكرير التأكيد والبيان بعد الإجمال وإيجاب اختصاص الفضل والرحمة بالفرح أو بفعل دل عليه { قَدْ جَاءتْكُم } ، وذلك إشارة إلى مصدره أي فبمجيئها فليفرحوا والفاء بمعنى الشرط كأنه قيل : إن فرحوا بشيء فيهما فليفرحوا أو للربط بما قبلها ، والدلالة على أن مجيء الكتاب الجامع بين هذه الصفات موجب للفرح وتكريرها للتأكيد كقوله : @ وَإِذَا هَلَكْـتُ فَعِنْـدَ ذَلِـكَ فَـاجْـزَعِـي @@ وعن يعقوب « فلتفرحوا » بالتاء على الأصل المرفوض ، وقد روي مرفوعاً ويؤيده أنه قرىء « فافرحوا » . { هُوَ خَيْرٌ مّمَّا يَجْمَعُونَ } من حطام الدنيا فإنها إلى الزوال قريب وهو ضمير ذلك . وقرأ ابن عامر تجمعون بالتاء على معنى فبذلك فليفرح المؤمنون فهو خير مما تجمعونه أيها المخاطبون . { قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّا أَنزَلَ ٱللَّهُ لَكُمْ مّن رّزْقٍ } جعل الرزق منزلاً لأنه مقدر في السماء محصل بأسباب منها ، وما في موضع النصب بـ { أَنَزلَ } أو بـ { أَرَءيْتُمْ } فإنه بمعنى أخبروني ، ولكم دل على أن المراد منه ما حل ولذلك وبخ على التبعيض فقال : { فَجَعَلْتُمْ مّنْهُ حَرَامًا وَحَلاَلاً } مثل : { هَـٰذِهِ أَنْعَـٰمٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ } [ الأنعام : 138 ] { مَا فِى بُطُونِ هَـٰذِهِ ٱلأَنْعَـٰمِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَىٰ أَزْوٰجِنَا } [ الأنعام : 139 ] { قُلِ ءَآللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ } في التحريم والتحليل فتقولون ذلك بحكمه . { أَمْ عَلَى ٱللَّهِ تَفْتَرُونَ } في نسبة ذلك إليه ويجوز أن تكون المنفصلة متصلة بـ { أَرَءيْتُمْ } وقل مكرر للتأكيد وأن يكون الاستفهام للإِنكار ، و { أَمْ } منقطعة ومعنى الهمزة فيها تقرير لافترائهم على الله . { وَمَا ظَنُّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ } أي شيء ظنهم . { يَوْمُ ٱلْقِيَـٰمَةِ } أيحسبون أن لا يجازوا عليه ، وهو منصوب بالظن ويدل عليه أنه قرىء بلفظ الماضي لأنه كائن ، وفي إبهام الوعيد تهديد عظيم { إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ } حيث أنعم عليهم بالعقل وهداهم بإرسال الرسل وإنزال الكتب . { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ } هذه النعمة .