Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 72-80)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قَالَتْ يَا وَيْلَتِي } يا عجباً ، وأصله في الشر فأطلق على كل أمر فظيع . وقرىء بالياء على الأصل . { ءأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـٰذَا } ابنة تسعين أو تسع وتسعين . { وَهَـٰذَا بَعْلِى } زوجي وأصله القائم بالأمر . { شَيْخًا } ابن مائة أو مائة وعشرين ، ونصبه على الحال والعامل فيها معنى اسم الإِشارة . وقرىء بالرفع على أنه خبر محذوف أي هو شيخ ، أو خبر بعد خبر أو هو الخبر و { بَعْلِى } بدل . { إِنَّ هَـٰذَا لَشَىْء عَجِيبٌ } يعني الولد من هرمين ، وهو استعجاب من حيث العادة دون القدرة ولذلك : { قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ رَحْمَتُ ٱللَّهِ وَبَرَكَـٰتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ } منكرين عليها فإِن خوارق العادات باعتبار أهل بيت النبوة ومهبط المعجزات ، وتخصيصهم بمزيد النعم والكرامات ليس ببدع ولا حقيق بأن يستغربه عاقل فضلاً عمن نشأت وشابت في ملاحظة الآيات ، وأهل البيت نصب على المدح أو النداء لقصد التخصيص كقولهم : اللهم اغفر لنا أيتها العصابة . { إِنَّهُ حَمِيدٌ } فاعل ما يستوجب به الحمد . { مَّجِيدٌ } كثير الخير والإِحسان . { فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرٰهِيمَ ٱلرَّوْعُ } أي ما أوجس من الخيفة واطمأن قلبه بعرفانهم . { وَجَاءتْهُ ٱلْبُشْرَىٰ } بدل الورع . { يُجَـٰدِلُنَا فِى قَوْمِ لُوطٍ } يجادل رسلنا في شأنهم ومجادلته إياهم قوله : { إِنَّ فِيهَا لُوطاً } [ العنكبوت : 32 ] وهو إما جواب لما جيء به مضارعاً على حكاية الحال أو لأنه في سياق الجواب بمعنى الماضي كجواب لو ، أو دليل جوابه المحذوف مثل اجترأ على خطابنا أو شرع في جدالنا ، أو متعلق به أقيم مقامه مثل أخذ أو أقبل يجادلنا . { إِنَّ إِبْرٰهِيمَ لَحَلِيمٌ } غير عجول على الانتقام من المسيء إليه . { أَوَّاهٌ } كثير التأوه من الذنوب والتأسف على الناس . { مُّنِيبٌ } راجع إلى الله ، والمقصود من ذلك بيان الحامل له على المجادلة وهو رقة قلبه وفرط ترحمه . { يَا إِبْرَاهِيمَ } على إرادة القول أي قالت الملائكة { يَا إِبْرَاهِيمَ } . { أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَا } الجدال { إِنَّهُ قَدْ جَاء أَمْرُ رَبّكَ } قدره بمقتضى قضائه الأزلي بعذابهم وهو أعلم بحالهم . { وَإِنَّهُمْ اتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ } مصروف بجدال ولا دعاء ولا غير ذلك . { وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيْءَ بِهِمُ } ساءه مجيئهم لأنهم جاؤوه في صورة غلمان فظن أنهم أناس فخاف عليهم أن يقصدهم قومه فيعجز عن مدافعتهم . { وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا } وضاق بمكانهم صدره ، وهو كناية عن شدة الانقباض للعجز عن مدافعة المكروه والاحتيال فيه . { وَقَالَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ } شديد من عصبه إذا شده . { وَجَاءهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ } يسرعون إليه كأنهم يدفعون دفعاً لطلب الفاحشة من أضيافه . { وَمِن قَبْلُ } أي ومن قبل ذلك الوقت . { كَانُواْ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيّئَاتِ } الفواحش فتمرنوا بها ولم يستحيوا منها حتى جاؤوا يهرعون لها مجاهرين . { قَالَ يَـا قَوْمِ هَـٰؤُلآء بَنَاتِى } فدى بهن أضيافه كرماً وحمية ، والمعنى هؤلاء بناتي فتزوجوهن ، وكانوا يطلبونهن قبل فلا يجيبهم لخبثهم وعدم كفاءتهم لا لحرمة المسلمات على الكفار فإنه شرع طارىء أو مبالغة في تناهي خبث ما يرومونه حتى إن ذلك أهون منه ، أو إظهاراً لشدة امتعاضه من ذلك كي يرقوا له . وقيل المراد بالبنات نساؤهم فإن كل نبي أبو أمته من حيث الشفقة والتربية وفي حرف ابن مسعود { وَأَزْوٰجُهُ أُمَّهَـٰتُهُمْ } [ الأحزاب : 6 ] وهو أب لهم { هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ } أنظف فعلاً وأقل فحشاً كقولك : الميتة أطيب من المغصوب وأحل منه . وقرىء { أَطْهَرُ } بالنصب على الحال على أن هن خبر بناتي كقولك : هذا أخي هو الأفضل فإنه لا يقع بين الحال وصاحبها . { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } بترك الفواحش أو بإيثارهن عليهم . { وَلاَ تُخْزُونِ } ولا تفضحوني من الخزي ، أو ولا تخجلوني من الخزاية بمعنى الحياء . { فِى ضَيْفِى } في شأنهم فإن إخزاء ضيف الرجل إخزاؤه . { أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ } يهتدي إلى الحق ويرعوي عن القبيح . { قَالُواْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِى بَنَاتِكَ مِنْ حَقّ } من حاجة { وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ } وهو إتيان الذكران . { قَالَ لَوْ أَنَّ لِى بِكُمْ قُوَّةً } لو قويت بنفسي على دفعكم . { أَوْ اوِى إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ } إلى قوي أبلغ به عنكم . شبهه بركن الجبل في شدته . وعن النبي صلى الله عليه وسلم " رحم الله أخي لوطاً كان يأوي إلى ركن شديد " وقرىء { أَوْ آوِى } بالنصب بإضمار أن كأنه قال : لو أن لي بكم قوة أو أوياً وجواب لو محذوف تقديره لدفعتكم روي أنه أغلق بابه دون أضيافه وأخذ يجادلهم من وراء الباب فتسوروا الجدار ، فلما رأت الملائكة ما على لوط من الكرب .