Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 42-47)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ غَـٰفِلاً عَمَّا يَعْمَلُ ٱلظَّـٰلِمُونَ } خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، والمراد به تثبيته على ما هو عليه من أنه تعالى مطلع على أحوالهم وأفعالهم لا يخفى عليه خافية ، والوعيد بأنه معاقبهم على قليله وكثيره لا محالة ، أو لكل من توهم غفلته جهلاً بصفاته واغتراراً بإمهاله . وقيل إنه تسلية للمظلوم وتهديد للظالم . { إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ } يؤخر عذابهم وعن أبي عمرو بالنون . { لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ ٱلأَبْصَـٰرُ } أي تشخص فيه أبصارهم فلا تقر في أماكنها من هول ما ترى . { مُهْطِعِينَ } أي مسرعين إلى الداعي ، أو مقبلين بأبصارهم لا يطرفون هيبة وخوفاً ، وأصل الكلمة هو الإِقبال على الشيء . { مُقْنِعِى رُؤُوسِهِمْ } رافعيها . { لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ } بل تثبت عيونهم شاخصة لا تطرف ، أو لا يرجع إليهم نظرهم فينظروا إلى أنفسهم . { وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ } خلاء أي خالية عن الفهم لفرط الحيرة والدهشة ، ومنه يقال للأحمق وللجبان قلبه هواء أي لا رأي فيه ولا قوة قال زهير : @ مـن الظلمـان جـؤجـؤه هـواء @@ وقيل خالية عن الخير خاوية عن الحق . { وَأَنذِرِ ٱلنَّاسَ } يا محمد . { يَوْمَ يَأْتِيهِمُ ٱلْعَذَابُ } يعني يوم القيامة ، أو يوم الموت فإنه أول أيام عذابهم ، وهو مفعول ثان لـ { أُنذر } . { فَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } بالشرك والتكذيب . { رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ } أخر العذاب عنا أو ردنا إلى الدنيا وأمهلنا إلى حد من الزمان قريب ، أو أخر آجالنا وأبقنا مقدار ما نؤمن بك ونجيب دعوتك . { نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ ٱلرُّسُلَ } جواب للأمر ونظيره { لَوْلا أَخَّرْتَنِى إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مّنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ } [ المنافقون : 10 ] { أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُمْ مِّن قَبْلُ مَا لَكُمْ مِّنْ زَوَالٍ } على إرادة القول و { مَا لَكُمْ } جواب القسم جاء بلفظ الخطاب على المطابقة دون الحكاية ، والمعنى أقسمتم أنكم باقون في الدنيا لا تزالون بالموت ، ولعلهم أقسموا بطراً وغروراً أو دل عليه حالهم حيث بنوا شديداً وأملوا بعيداً . وقيل أقسموا أنهم لا ينتقلون إلى دار أخرى وأنهم إذا ماتوا لا يزالون على تلك الحالة إلى حالة أخرى كقوله : { وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جهد أَيْمـٰنهم لا يبعث ٱللَّه من يموت } [ النحل : 38 ] { وَسَكَنتُمْ فِى مَسَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ } بالكفر والمعاصي كعاد وثمود ، وأصل سكن أن يعدى بفي كقرَّ وغني وأقام ، وقد يستعمل بمعنى التبوّء فيجري مجراه كقولك سكنت الدار . { وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ } بما تشاهدونه في منازلهم من آثار ما نزل بهم وما تواتر عندكم من أخبارهم . { وَضَرَبْنَا لَكُمُ ٱلأَمْثَالَ } من أحوالهم أي بينا لكم أنكم مثلهم في الكفر واستحقاق العذاب ، أو صفات ما فعلوا وفعل بهم التي هي في الغرابة كالأمثال المضروبة . { وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ } المستفرغ فيه جهدهم إبطال الحق وتقرير الباطل . { وَعِندَ ٱللَّهِ مَكْرُهُمْ } ومكتوب عنده فعلهم فهو مجازيهم عليه ، أو عنده ما يمكرهم به جزاء لمكرهم وإبطالاً له . { وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ } في العظم والشدة . { لِتَزُولَ مِنْهُ ٱلْجِبَالُ } مسوى لإزالة الجبال . وقيل إن نافية واللام مؤكدة لها كقوله : { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذّبَهُمْ } [ الأنفال : 33 ] على أن الجبال مثل لأمر النبي صلى الله عليه وسلم ونحوه . وقيل مخففة من الثقيلة والمعنى أنهم مكروا ليزيلوا ما هو كالجبال الراسية ثباتاً وتمكناً من آيات الله تعالى وشرائعه . وقرأ الكسائي { لَتَزُولَ } بالفتح والرفع على أنها المخففة واللام هي الفاصلة ، ومعناه تعظيم مكرهم . وقرىء بالفتح والنصب على لغة من يفتح لام كي وقرىء و « إن كاد مكرهم » . { فَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ } مثل قوله : { إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا } [ غافر : 51 ] { كَتَبَ ٱللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِى } [ المجادله : 21 ] وأصله مخلف رسله وعده فقدم المفعول الثاني إيذاناً بأنه لا يخلف الوعد أصلاً كقوله : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ } [ آل عمران : 9 ] وإذا لم يخلف وعده أحداً فكيف يخلف رسله . { إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ } غالب لا يماكر قادر لا يدافع . { ذُو ٱنتِقَامٍ } لأوليائه من أعدائه .