Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 48-55)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ٱنْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلأَمْثَالَ } مثلوك بالشاعر والساحر والكاهن والمجنون . { فُضّلُواْ } عن الحق في جميع ذلك . { فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً } إلى طعن موجه فيتهافتون ويخبطون كالمتحير في أمره لا يدري ما يصنع أو إلى الرشاد . { وَقَالُواْ أَءذَا كُنَّا عِظَـٰماً وَرُفَـٰتاً } حطاماً . { أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً } على الإِنكار والاستبعاد لما بين غضاضة الحي ويبوسة الرميم ، من المباعدة والمنافاة ، والعامل في إذا ما دل عليه مبعوثون لا نفسه لأن ما بعد أن لا يعمل فيما قبلها و { خَلْقاً } مصدر أو حال . { قُلْ } جواباً لهم . { كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً } . { أَوْ خَلْقًا مّمَّا يَكْبُرُ فِى صُدُورِكُمْ } أي مما يكبر عندكم عن قبول الحياة لكونه أبعد شيء منها ، فإن قدرته تعالى لا تقصر عن إحيائكم لاشتراك الأجسام في قبول الأعراض ، فكيف إذا كنتم عظاماً مرفوتة وقد كانت غضة موصوفة بالحياة قبل والشيء أقبل لما عهد فيه مما لم يعهد . { فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ ٱلَّذِى فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } وَكُنتم تراباً وما هو أبعد منه من الحياة . { فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ } فسيحركونها نحوك تعجباً واستهزاء . { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيبًا } فإن كل ما هو آت قريب ، وانتصابه على الخبر أو الظرف أي يكون في زمان قريب ، و { أَن يَكُونَ } اسم { عَسَى } أو خبره والاسم مضمر . { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ } أي يوم يبعثكم فتنبعثون ، استعار لهما الدعاء والاستجابة للتنبيه على سرعتهما وتيسر أمرهما ، وأن المقصود منهما الإحضار للمحاسبة والجزاء . { بِحَمْدِهِ } حال منهم أي حامدين الله تعالى على كمال قدرته كما قيل إنهم ينفضون التراب عن رؤوسهم ويقولون : سبحانك اللهم وبحمدك ، أو منقادين لبعثه انقياد الحامدين عليه . { وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً } وتستقصرون مدة لبثكم في القبور كالذي مر على قرية ، أو مدة حياتكم لما ترون من الهول . { وَقُل لِّعِبَادِى } يعني المؤمنين . { يَقُولُواْ ٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ } الكلمة التي هي أحسن ولا يخاشنوا المشركين . { إِنَّ ٱلشَّيْطَـٰنَ يَنزِعُ بَيْنَهُمْ } يهيج بينهم المراء والشر فلعل المخاشنة بهم تفضي إلى العناد وازدياد الفساد . { إِنَّ ٱلشَّيْطَـٰنَ كَانَ لِلإِنْسَـٰنِ عَدُوّا مُّبِينًا } ظاهر العداوة . { رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذّبْكُمْ } تفسير لـ { ٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ } وما بينهما اعتراض أي قولوا لهم هذه الكلمة ونحوها ولا تصرحوا بأنهم من أهل النار ، فإنه يهيجهم على الشر مع أن ختام أمرهم غيب لا يعلمه إلا الله . { وَمَا أَرْسَلْنَـٰكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً } موكولاً إليك أمرهم تقسرهم على الإِيمان وإنما أرسلناك مبشراً ونذيراً فدارهم ومر أصحابك بالاحتمال منهم . وروي أن المشركين أفرطوا في إيذائهم فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت . وقيل شتم عمر رضي الله تعالى عنه رجل منهم فهم به فأمره الله بالعفو . { وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } وبأحوالهم فيختار منهم لنبوته وولايته من يشاء ، وهو رد لاستبعاد قريش أن يكون يتيم أبي طالب نبياً ، وأن يكون العراة الجوع أصحابه . { وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ ٱلنَّبِيّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ } بالفضائل النفسانية والتبري عن العلائق الجسمانية ، لا بكثرة الأموال والأتباع حتى داود عليه الصلاة والسلام فإن شرفه بما أوحى إليه من الكتاب لا بما أوتيه من الملك . قيل هو إشارة إلى تفضيل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله : { وَءاتَيْنَا دَاوُودُ زَبُوراً } تنبيه على وجه تفضيله وهو أنه خاتم الأنبياء وأمته خير الأمم المدلول عليه بما كتب في الزبور من أن الأرض يرثها عبادي الصالحون ، وتنكيره ها هنا وتعريفه في قوله تعالى : { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِى ٱلزَّبُورِ } [ الأنبياء : 105 ] لأنه في الأصل فعول للمفعول كالحلوب ، أو المصدر كالقبول ويؤيده قراءة حمزة بالضم وهو كالعباس أو الفضل ، أو لأن المراد وآتينا داود بعض الزبر ، أو بعضاً من الزبور فيه ذكر الرسول عليه الصلاة والسلام .