Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 26, Ayat: 195-227)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ بِلِسَانٍ عَرَبِيّ مُّبِينٍ } واضح المعنى لئلا يقولوا ما نصنع بما لا نفهمه فهو متعلق بـ { نَزَّلَ } ، ويجوز أن يتعلق بالمنذرين أي لتكون ممن أنذروا بلغة العرب وهم هود وصالح وإسمعيل وشعيب ومحمد عليهم الصلاة والسلام . { وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ ٱلأَوَّلِينَ } وإن ذكره أو معناه لفي الكتب المتقدمة . { أَوَ لَمْ يَكُن لَّهُمْ ءَايَةً } على صحة القرآن أو نبوة محمد صلى الله عليه وسلم . { أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاء بَنِي إِسْرٰءِيلَ } أن يعرفوه بنعته المذكور في كتبهم وهو تقرير لكونه دليلاً . وقرأ ابن عامر تكن بالتاء و { ءايَةً } بالرفع على أنها الاسم والخبر { لَهُمْ } { وَأَنْ يَعْلَمْهُ } بدل أو الفاعل و { أَن يَعْلَمَهُ } بدل { وَهُمْ } حال ، أو أن الاسم ضمير القصة و { ءَايَةً } خبر { أَن يَعْلَمَهُ } والجملة خبر تكن . { وَلَوْ نَزَّلْنَـٰهُ عَلَىٰ بَعْضِ ٱلأَعْجَمِينَ } كما هو زيادة في إعجازه أو بلغة العجم . { فَقَرَأَهُ عَلَيْهِم مَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ } لفرط عنادهم واستكبارهم ، أو لعدم فهمهم واستنكافهم من اتباع العجم ، و { ٱلأَعْجَمِينَ } جمع أعجمي على التخفيف ولذلك جمع جمع السلامة . { كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ } أدخلناه . { فِي قُلُوبِ ٱلْمُجْرِمِينَ } والضمير للكفر المدلول عليه بقوله { مَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ } فتدل الآية على أنه بخلق الله ، وقيل للقرآن أي أدخلناه فيها فعرفوا معانيه وإعجازه ثم لم يؤمنوا به عناداً . { لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ } الملجىء إلى الإِيمان . { فَيَأْتِيَهُم بَغْتَةً } في الدنيا والآخرة . { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } بإتيانه . { فَيَقُولُواْ هَلْ نَحْنُ مُنظَرُونَ } تحسراً وتأسفاً . { أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ } فيقولون أمطر علينا حجارة من السماء ، { فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا } ، وحالهم عند نزول العذاب طلب النظرة . { أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَـٰهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جَاءَهُم مَّا كَانُواْ يُوعَدُونَ مَا أَغْنَىٰ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يُمَتَّعُونَ } لم يغن عنهم تمتعهم المتطاول في دفع العذاب وتخفيفه . { وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ لَهَا مُنذِرُونَ } أنذروا أهلها إلزاماً للحجة . { ذِكْرِى } تذكرة ومحلها النصب على العلة أو المصدر لأنها في معنى الإِنذار ، أو الرفع على أنها صفة { مُنذِرُونَ } بإضمار ذوو ، أو بجعلهم ذكرى لإِمعانهم في التذكرة ، أو خبر محذوف والجملة اعتراضية . { وَمَا كُنَّا ظَـٰلِمِينَ } فنهلك غير الظالمين ، أو قبل الإِنذار . { وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ ٱلشَّيَـٰطِينُ } كما زعم المشركون أنه من قبيل ما يلقي الشياطين على الكهنة . { وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ } وما يصح لهم أن يتنزلوا به . { وَمَاَ يَسْتَطِيعُونَ } وما يقدرون . { إِنَّهُمْ عَنِ ٱلسَّمْعِ } لكلام الملائكة . { لَمَعْزُولُونَ } لأنه مشروط بمشاركة في صفاء الذات وقبول فيضان الحق والانتقاش بالصور الملكوتية ، ونفوسهم خبيثة ظلمانية شريرة بالذات لا تقبل ذلك والقرآن مشتمل على حقائق ومغيبات لا يمكن تلقيها إلا من الملائكة . { فَلاَ تَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً ءَاخَرَ فَتَكُونَ مِنَ ٱلْمُعَذَّبِينَ } تهييج لإِزدياد الإِخلاص ولطف لسائر المكلفين . { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ } الأقرب منهم فالأقرب فإن الاهتمام بشأنهم أهم " روي أنه لما نزلت صعد النبي صلى الله عليه وسلم الصفا وناداهم فخذاً فخذاً حتى اجتمعوا إليه فقال : « لو أخبرتكم أن بسفح هذا الجبل خيلاً أكنتم مصدقي » قالوا نعم قال : فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد " . { وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } لين جانبك لهم مستعار من خفض الطائر جناحه إذا أراد أن ينحط ، و { مِنْ } للتبيين لأن من اتبع أعم ممن اتبع لدين أو غيره ، أو للتبعيض على أن المراد { مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } المشارفون للإِيمان أو المصدقون باللسان . { فَإِنْ عَصَوْكَ } ولم يتبعوك . { فَقُلْ إِنّي بَرِىءٌ مّمَّا تَعْمَلُونَ } بما تعملونه أو من أعمالكم . { وَتَوكَّلْ عَلَى ٱلْعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ } الذي يقدر على قهر أعدائه ونصر أوليائه يكفك شر من يعصيك منهم ومن غيرهم . وقرأ نافع وابن عامر « فتوكل » على الإِبدال من جواب الشرط . { ٱلَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ } إلى التهجد . { وَتَقَلُّبَكَ فِي ٱلسَّـٰجِدِينَ } وترددك في تصفح أحوال المجتهدين كما روي " أنه عليه الصلاة والسلام لما نسخ قيام فرض الليل طاف عليه الصلاة والسلام تلك الليلة ببيوت أصحابه لينظر ما يصنعون حرصاً على كثرة طاعاتهم ، فوجدها كبيوت الزنابير لما سمع بها من دندنتهم بذكر الله وتلاوة القرآن " . أو تصرفك فيما بين المصلين بالقيام والركوع والسجود والقعود إذا أممتهم ، وإنما وصفه الله تعالى بعلمه بحاله التي بها يستأهل ولايته بعد وصفه بأن من شأنه قهر أعدائه ونصر أوليائه تحقيقاً للتوكل وتطميناً لقلبه عليه . { إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ } لما تقوله . { ٱلْعَلِيمُ } بما تنويه . { هَلْ أُنَبّئُكُمْ عَلَىٰ مَن تَنَزَّلُ ٱلشَّيَـٰطِينُ تَنَزَّلُ عَلَىٰ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ } لما بين أن القرآن لا يصح أن يكون مما تنزلت به الشياطين أكد ذلك بأن بين أن محمداً صلى الله عليه وسلم لا يصح أن يتنزلوا عليه من وجهين : أحدهما أنه إنما يكون على شرير كذاب كثير الإِثم ، فإن اتصال الإِنسان بالغائبات لما بينهما من التناسب والتواد وحال محمد صلى الله عليه وسلم على خلاف ذلك . وثانيهما قوله : { يُلْقُونَ ٱلسَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَـٰذِبُونَ } أي الأفاكون يلقون السمع إلى الشياطين فيتلقون منهم ظنوناً وأمارات لنقصان علمهم ، فيضمون إليها على حسب تخيلاتهم أشياء لا يطابق أكثرها كما جاء في الحديث " الكلمة يخطفها الجني فيقرها في أذن وليه فيزيد فيها أكثر من مائة كذبة " ولا كذلك محمد صلى الله عليه وسلم فإنه أخبر عن مغيبات كثيرة لا تحصى وقد طابق كلها ، وقد فسر الأكثر بالكل لقوله تعالى : { كُلّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ } . والأظهر أن الأكثرية باعتبار أقوالهم على معنى أن هؤلاء قل من يصدق منهم فيما يحكي عن الجني . وقيل الضمائر للشياطين أي يلقون السمع إلى الملأ الأعلى قبل أن يرجموا فيختطفون منهم بعض المغيبات ويوحون به إلى أوليائهم أو يلقون مسموعهم منهم إلى أوليائهم وأكثرهم كاذبون فيما يوحون به إليهم إذ يسمعونهم لا على نحو ما تكلمت به الملائكة لشرارتهم ، أو لقصور فهمهم أو ضبطهم أو إفهامهم .