Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 26, Ayat: 1-15)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

مكية إلا قوله تعالى وَالشُّعَراءُ يَتَبِعُهُمُ الغَاوُونَ إلى آخرها وهي مائتان وست أو سبع وعشرون آية { بسم الله الرحمن الرحيم } { طسم } قرأ حمزة والكسائي وأبو بكر بالإِمالة ، ونافع بين كراهة للعود إلى الياء المهروب منها ، وأظهر نونه حمزة لأنه في الأصل منفصل عما بعده . { تِلْكَ ءَايَاتُ ٱلْكِتَـٰبِ ٱلْمُبِينِ } الظاهر إعجازه وصحته ، والإِشارة إلى السورة أو القرآن على ما قرر في أول « البقرة » . { لَعَلَّكَ بَـٰخِعٌ نَّفْسَكَ } قاتل نفسك ، وأصل البخع أن يبلغ بالذبح النخاع وهو عرق مستبطن الفقار وذلك أقصى حد الذبح ، وقرىء { بَـٰخِعٌ نَّفْسَكَ } بالإِضافة ، ولعل للإِشفاق أي أشفق على نفسك أن تقتلها حسرة . { أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } لئلا يؤمنوا أو خيفة أن لا يؤمنوا . { إِن نَّشَأْ نُنَزّلْ عَلَيْهِمْ مّنَ ٱلسَّمَاء ءَايَةً } دلالة ملجئة إلى الإِيمان أو بلية قاسرة عليه . { فَظَلَّتْ أَعْنَـٰقُهُمْ لَهَا خَـٰضِعِينَ } منقادين وأصله فظلوا لها خاضعين فأقحمت الأعناق لبيان موضع الخضوع وترك الخبر على أصله . وقيل لما وصفت الأعناق بصفات العقلاء أجريت مجراهم . وقيل المراد بها الرؤساء أو الجماعات من قولهم : جاءنا عنق من الناس لفوج منهم ، وقرىء { خاضعة } و { ظَلْتَ } عطف على { نُنَزّلُ } عطف وأكن على فأصدق لأنه لو قيل أنزلنا بدله لصح . { وَمَا يَأْتِيهِم مّن ذِكْرٍ } موعظة أو طائفة من القرآن . { مّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ } يوحيه إلى نبيه . { مُّحْدَثٍ } مجدد إنزاله لتكرير التذكير وتنويع التقرير . { إِلاَّ كَانُواْ عَنْهُ مُعْرِضِينَ } إلا جددوا إعراضاً عنه وإصراراً على ما كانوا عليه . { فَقَدْ كَذَّبُواْ } أي بالذكر بعد إعراضهم وأمعنوا في تكذيبه بحيث أدى بهم إلى الاستهزاء به المخبر به عنهم ضمناً في قوله : { فَسَيَأْتِيهِمْ } أي إذا مسهم عذاب الله يوم بدر أو يوم القيامة . { أَنْبَاءُ مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ } من أنه كان حقاً أم باطلاً ، وكان حقيقاً بأن يصدق ويعظم قدره أو يكذب فيستخف أمره . { أَوَ لَمْ يَرَوْاْ إِلَى ٱلأَرْضِ } أو لم ينظروا إلى عجائبها . { كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلّ زَوْجٍ } صنف . { كَرِيمٌ } محمود كثير المنفعة ، وهو صفة لكل ما يحمد ويرضى ، وههنا يحتمل أن تكون مقيدة لما يتضمن الدلالة على القدرة ، وأن تكون مبينة منبهة على أنه ما من نبت إلا وله فائدة إما وحده أو مع غيره ، و { كُلٌّ } لإِحاطة الأزواج { وَكَمْ } لكثرتها . { إِنَّ فِي ذَلِكَ } إن في إنبات تلك الأصناف أو في كل واحد . { لآيَةً } على أن منبتها تام القدرة والحكمة ، سابغ النعمة والرحمة . { وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّؤْمِنِينَ } في علم الله وقضائه فلذلك لا ينفعهم أمثال هذه الآيات العظام . { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ } الغالب القادر على الانتقام من الكفرة . { ٱلرَّحِيمِ } حيث أمهلهم أو العزيز في انتقامه ممن كفر الرحيم لمن تاب وآمن . { وَإِذْ نَادَىٰ رَبُّكَ مُوسَىٰ } مقدر باذكر أو ظرف لما بعده . { أَنِ ٱئْتَ } أي { ٱئْتَ } أو بأن { ٱئْتَ } . { ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ } بالكفر واستعباد بني إسرائيل . وذبح أولادهم . { قَوْمِ فِرْعَونَ } بدل من الأول أو عطف بيان له ، ولعل الإِقتصار على القوم للعلم بأن فرعون كان أولى بذلك . { أَلا يَتَّقُونَ } استئناف أتبعه إرساله إليهم للإِنذار تعجيباً له من إفراطهم في الظلم واجترائهم عليه ، وقرىء بالتاء على الالتفات إليهم زجراً لهم وغضباً عليهم ، وهم وإن كان غيباً حينئذ أجروا مجرى الحاضرين في كلام المرسل إليهم من حيث إنه مبلغه إليهم وإسماعه مبدأ إسماعهم ، مع ما فيه من مزيد الحث على التقوى لمن تدبره وتأمل مورده ، وقرىء بكسر النون اكتفاء بها عن ياء الإِضافة ، ويحتمل أن يكون بمعنى ألا يا ناس اتقون كقوله : أَلا يا اسجدوا . { قَالَ رَبّ إِنّي أَخَافُ أَن يُكَذّبُونِ وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلاَ يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَىٰ هَـٰرُونَ } رتب استدعاء ضم أخيه إليه وإشراكه له في الأمر على الأمور الثلاثة : خوف التكذيب ، وضيق القلب انفعالاً عنه ، وازدياد الحبسة في اللسان بانقباض الروح إلى باطن القلب عند ضيقه بحيث لا ينطلق ، لأنها إذا اجتمعت مست الحاجة إلى معين يقوي قلبه وينوب منابه متى تعتريه حبسة حتى لا تختل دعوته ولا تنبتر حجته ، وليس ذلك تعللاً منه وتوقفاً في تلقي الأمر ، بل طلباً لما يكون معونة على امتثاله وتمهيد عذره فيه ، وقرأ يعقوب { وَيَضِيقُ } { وَلاَ يَنطَلِقُ } بالنصب عطفاً على { يَكْذِبُونَ } فيكونان من جملة ما خاف منه . { وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ } أي تبعة ذنب فحذف المضاف أو سمي باسمه ، والمراد قتل القبطي وإنما سماه ذنباً على زعمهم ، وهذا اختصار قصته المبسوطة في مواضع . { فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ } به قبل أداء الرسالة ، وهو أيضاً ليس تعللاً وإنما هو استدفاع للبلية المتوقعة ، كما إن ذاك استمداد واستظهار في أمر الدعوة وقوله : { قَالَ كَلاَّ فَٱذْهَبَا بِـئَايَـٰتِنَا } إجابة له إلى الطلبتين بوعده بدفع بلائهم اللازم ردعه عن الخوف ، وضم أخيه إليه في الإِرسال ، والخطاب في { فَٱذْهَبَا } على تغليب الحاضر لأنه معطوف على الفعل الذي يدل عليه { كَلاَّ } كأنه قيل : ارتدع يا موسى عما تظن فاذهب أنت والذي طلبته . { إِنَّا مَعَكُمْ } يعني موسى وهرون وفرعون . { مُّسْتَمِعُونَ } سامعون لما يجري بينكما وبينه فأظهركما عليه ، مثل نفسه تعالى بمن حضر مجادلة قوم استماعاً لما يجري بينهم وترقباً لإِمداد أوليائه منهم ، مبالغة في الوعد بالإِعانة ، ولذلك تجوز بالاستماع الذي هو بمعنى الإِصغاء للسمع الذي هو مطلق إدراك الحروف والأصوات ، وهو خبر ثان أو الخبر وحده { ومعكم } لغو .