Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 27-37)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قَالَ سَنَنظُرُ } سنعرف من النظر بمعنى التأمل . { أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْكَـٰذِبِينَ } أي أم كذبت والتغيير للمبالغة ومحافظة الفواصل . { ٱذْهَب بّكِتَابِي هَـٰذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ } ثم تنح عنهم إلى مكان قريب تتوارى فيه . { فَٱنْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ } ما يرجع بعضهم إلى بعض من القول . { قَالَتْ } أي بعد ما ألقى إليها . { يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ إِنّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ } لكرم مضمونه أو مرسله ، أو لأنه كان مختوماً أو لغرابة شأنه إذ كانت مستلقية في بيت مغلقة الأبواب فدخل الهدهد من كوة وألقاه على نحرها بحيث لم تشعر به . { إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ } استئناف كأنه قيل لها ممن هو وما هو فقالت إنه ، أي إن الكتاب أو العنوان من سليمان { وَإِنَّهُ } أي وإن المكتوب أو المضمون . وقرىء بالفتح على الإِبدال من { كِتَابٌ } أو التعليل لكرمه . { بِسْمِ اللَّهِ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ } . { أَلاَّ تَعْلُواْ عَلَيَّ } أن مفسرة أو مصدرية فتكون بصلتها خبر محذوف أي هو أو المقصود أن لا تعلوا أو بدل من { كِتَابٌ } . { وَأْتُونِى مُسْلِمِينَ } مؤمنين أو منقادين ، وهذا كلام في غاية الوجازة مع كمال الدلالة على المقصود ، لاشتماله على البسملة الدالة على ذات الصانع تعالى وصفاته صريحاً أو التزاماً ، والنهي عن الترفع الذي هو أم الرذائل والأمر بالإِسلام الجامع لأمهات الفضائل ، وليس الأمر فيه بالانقياد قبل إقامة الحجة على رسالته حتى يكون استدعاء للتقليد فإن إلقاء الكتاب إليها على تلك الحالة من أعظم الدلالة . { قَالَتْ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي } أجيبوني في أمري الفتي واذكروا ما تستصوبون فيه . { مَا كُنتُ قَـٰطِعَةً أَمْراً } ما أبت أمراً . { حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ } إلا بمحضركم استعطفتهم بذلك ليمالئوها على الإِجابة . { قَالُواْ نَحْنُ أُوْلُواْ قُوَّةٍ } بالأجساد والعدد . { وَأُوْلُواْ بَأْسٍ شَدِيدٍ } نجدة وشجاعة . { وَٱلأَمْرُ إِلَيْكِ } موكول . { فَٱنظُرِى مَاذَا تَأْمُرِينَ } من المقاتلة أو الصلح نطعك ونتبع رأيك . { قَالَتْ إِنَّ ٱلْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُواْ قَرْيَةً } عنوة وغلبة . { أَفْسَدُوهَا } تزييف لما أحست منهم من الميل إلى المقاتلة بادعائهم القوى الذاتية والعرضية ، وإشعار بأنها ترى الصلح مخافة أن يتخطى سليمان خططهم فيسرع إلى إفساد ما يصادفه من أموالهم وعماراتهم ، ثم أن الحرب سجال لا تدري عاقبتها . { وَجَعَلُواْ أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً } بنهب أموالهم وتخريب ديارهم إلى غير ذلك من الإِهانة والأسر . { وَكَذٰلِكَ يَفْعَلُونَ } تأكيد لما وصفت من حالهم وتقرير بأن ذلك من عاداتهم الثابتة المستمرة ، أو تصديق لها من الله عز وجل . { وَإِنّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ } بيان لما ترى تقديمه في المصالحة ، والمعنى إني مرسلة رسلاً بهدية أدفعه بها عن ملكي . { فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ ٱلْمُرْسَلُونَ } من حاله حتى أعمل بحسب ذلك . روي أنها بعثت منذر بن عمرو في وفد وأرسلت معهم غلماناً على زي الجواري وجواري على زي الغلمان ، وحُقاً فيه درة عذراء وجزعة معوجة الثقب وقالت : إن كان نبياً ميز بين الغلمان والجواري وثقب الدرة ثقباً مستوياً وسلك في الخرزة خيطاً ، فلما وصلوا إلى معسكره ورأوا عظمة شأنه تقاصرت إليهم نفوسهم ، فلما وقفوا بين يديه وقد سبقهم جبريل بالحال فطلب الحق وأخبر عما فيه ، فأمر الأرضة فأخذت شعرة ونفذت في الدرة وأمر دودة بيضاء فأخذت الخيط ونفذت في الجزعة ، ودعا بالماء فكانت الجارية تأخذ الماء بيدها فتجعله في الأخرى ثم تضرب به وجهها والغلام كما يأخذه يضرب به وجهه ثم رد الهدية . { فَلَمَّا جَاء سُلَيْمَانَ } أي الرسول أو ما أهدت إليه وقرىء « فلما جاؤوا » . { قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ } خطاب للرسول ومن معه ، أو للرسول والمرسل على تغليب المخاطب . وقرأ حمزة ويعقوب بالإِدغام وقرىء بنون واحدة وبنونين وحذف الياء . { فَمَا ءاتَـٰنِى ٱللَّهُ } من النبوة والملك الذي لا مزيد عليه ، وقرأ نافع وأبو عمرو وحفص بفتح الياء والباقون بإسكانها وبإمالتها . الكسائي وحده . { خَيْرٌ مّمَّا ءَاتَـٰكُمْ } فلا حاجة لي إلى هديتكم ولا وقع لها عندي . { بَلْ أَنتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ } لأنكم لا تعلمون إلا ظاهراً من الحياة الدنيا فتفرحون بما يهدى إليكم حباً لزيادة أموالكم ، أو بما تهدونه افتخاراً على أمثالكم ، والإِضراب عن إنكار الإِمداد بالمال عليه وتقليله إلى بيان السبب الذي حملهم عليه ، وهو قياس حاله على حالهم في قصور الهمة بالدنيا والزيادة فيها . { اْرجِعِ } أيها الرسول . { إِلَيْهِمُ } إلى بلقيس وقومها . { فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لاَّ قِبَلَ لَهُمْ بِهَا } لا طاقة لهم بمقاومتها ولا قدرة لهم على مقابلتها وقرىء « بهم » . { وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا } من سبأ . { أَذِلَّةً } بذهاب ما كانوا فيه من العز . { وَهُمْ صَـٰغِرُونَ } أسراء مهانون .