Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 38-44)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قَالَ يَـاأَيُّهَا ٱلْمَلأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا } أراد بذلك أن يريها بعض ما خصه الله تعالى به من العجائب الدالة على عظم القدرة وصدقه في دعوى النبوة ، ويختبر عقلها بأن ينكر عرشها فينظر أتعرفه أم تنكره ؟ . { قَبْلَ أَن يَأْتُونِى مُسْلِمِينَ } فإنها إذا أتت مسلمة لم يحل أخذه إلا برضاها . { قَالَ عِفْرِيتٌ } خبيث مارد . { مّن ٱلْجِنِّ } بيان له لأنه يقال للرجل الخبيث المنكر المعفر أقرانه ، وكان اسمه ذكوان أو صخراً . { أَنَاْ ءَاتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ } من مجلسك للحكومة وكان يجلس إلى نصف النهار . { وَإِنِّي عَلَيْهِ } على حمله . { لَقَوِيٌّ أَمِينٌ } لا أختزل منه شيئاً ولا أبدله . { قَالَ ٱلَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مّنَ ٱلْكِتَـٰبِ } آصف بن برخيا وزيره ، أو الخضر أو جبريل عليهما السلام أو ملك أيده الله به ، أو سليمان عليه السلام نفسه فيكون التعبير عنه بذلك للدلالة على شرف العلم وأن هذه الكرامة كانت بسببه والخطاب في : { أَنَاْ ءَاتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ } للعفريت كأنه استبطأه فقال له ذلك ، أو أراد إظهار معجزة في نقله فتحداهم أولاً ثم أراهم أنه يتأتى له مالاً يتأتى لعفاريت الجن فضلاً عن غيرهم ، والمراد بـ { ٱلْكِتَـٰبِ } جنس الكتب المنزلة أو اللوح ، و { ءَاتِيكَ } في الموضعين صالح للفعلية والاسمية ، « والطرف » تحريك الأجفان للنظر فوضع موضعه ولما كان الناظر يوصف بإرسال الطرف كما في قوله : @ وَكُنْت إِذَا أَرْسَلْت طَرْفَكَ رَائِدا لِقَلْبِكَ يَوْماً أَتْعَبَتْكَ المَنَاظِرُ @@ وصف برد الطرف والطرف بالارتداد ، والمعنى أنك ترسل طرفك نحو شيء فقبل أن ترده أحضر عرشها بين يديك ، وهذا غاية في الإِسراع ومثل فيه . { فَلَمَّا رَءَاهُ } أي العرش { مُسْتَقِرّاً عِندَهُ } حاصلاً بين يديه . { قَالَ } تلقياً للنعمة بالشكر على شاكلة المخلصين من عباد الله تعالى { هَـٰذَا مِن فَضْلِ رَبّي } تفضل به عليَّ من غير استحقاق ، والإِشارة إلى التمكن من إحضار العرش في مدة إرتداد الطرف من مسيرة شهرين بنفسه أو غيره ، والكلام في إمكان مثله قد مر في آية « الإِسراء » . { لِيَبْلُوَنِى ءَأَشْكُرُ } بأن أراه فضلاً من الله تعالى بلا حول مني ولا قوة وأقوم بحقه . { أَمْ أَكْفُرُ } بأن أجد نفسي في البين ، أو أقصر في أداء مواجبه ومحلها النصب على البدل من الياء . { وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ } لأنه به يستجلب لها دوام النعمة ومزيدها ويحط عنها عبء الواجب ويحفظها عن وصمة الكفران . { وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبّي غَنِيٌّ } عن شكره . { كَرِيمٌ } بالإنعام عليه ثانياً . { قَالَ نَكّرُواْ لَهَا عَرْشَهَا } بتغيير هيئته وشكله . { نَنظُرْ } جواب الأمر ، وقرىء بالرفع على الاستئناف . { أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ ٱلَّذِينَ لاَ يَهْتَدُونَ } إلى معرفته أو الجواب الصواب ، وقيل إلى الإِيمان بالله ورسوله إذا رأت تقدم عرشها وقد خلفته مغلقة عليه الأبواب موكلة عليها الحراس . { فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ } تشبيهاً عليها زيادة في امتحان عقلها إذ ذكرت عنده بسخافة العقل . { قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ } ولم تقل هو لاحتمال أن يكون مثله وذلك من كمال عقلها . { وَأُوتِينَا ٱلْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ } من تتمة كلامها كأنها ظنت أنه أراد بذلك اختبار عقلها وإظهار معجزة لها فقالت : وأوتينا العلم بكمال قدرة الله وصحة نبوتك قبل هذه الحالة ، أو المعجزة مما تقدم من الآيات . وقيل إنه من كلام سليمان عليه السلام وقومه وعطفوه على جوابها لما فيه من الدلالة على إيمانها بالله ورسوله حيث جوزت أن يكون ذلك عرشها تجويزاً غالباً ، وإحضار ثمة من المعجزات التي لا يقدر عليها غير الله تعالى ولا تظهر إلا على يد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، أي وأوتينا العلم بالله وقدرته وصحة ما جاء به عنده قبلها وكنا منقادين لحكمه ولم نزل على دينه ، ويكون غرضهم فيه التحدث بما أنعم الله عليهم من التقدم في ذلك شكر الله تعالى . { وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ ٱللَّهِ } أي وصدها عبادتها الشمس عن التقدم إلى الإِسلام ، أو وصدها الله عن عبادتها بالتوفيق للإِيمان . { إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَـٰفِرِينَ } وقرىء بالفتح على الإِبدال من فاعل صدها على الأول ، أي صدها نشؤها بين أظهر الكفار أو التعليل له . { قِيلَ لَهَا ٱدْخُلِي ٱلصَّرْحَ } القصر وقيل عرصة الدار . { فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا } روي أنه أمر قبل قدومها ببناء قصر صحنه من الزجاج أبيض وأجرى من تحته الماء وألقى فيه حيوانات البحر ووضع سريره في صدره فجلس عليه ، فلما أبصرته ظنته ماء راكداً فكشفت عن ساقيها . وقرأ ابن كثير برواية قنبل « سأقيها » بالهمز حملاً على جمعه سؤوق وأسؤق . { قَالَ إِنَّهُ } إن ما تظنينه ماء . { صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ } مملس . { مّن قَوارِيرَ } من الزجاج . { قَالَتْ رَبّ إِنّي ظَلَمْتُ نَفْسِي } بعبادتي الشمس ، وقيل بظني بسليمان فإنها حسبت أنه يغرقها في اللجة . { وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَـٰنَ لِلَّهِ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } فيما أمر به عباده وقد ، اختلف في أنه تزوجها أو زوجها من ذي تبع ملك همدان .